/ قوله: { سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا } (الآية). والمعنى: سيقول المشركون من قريش وغيرهم - الذين تقدم ذكرهم - إذا تبين لهم أنُّهم على باطل، قالوا: لو شاء الله ما فعلنا ذلك، ثم أخبرنا الله أن قولهم هذا (قد) قال به من كان قبلهم حتى نزلت بهم العقوبة، وهو قوله: { كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأْسَنَا } أي: نزلت بهم عقوبة فعلهم. وقد تعلقت المعتزلة بهذه الآية فقالوا: إن الله لم يشأ شرك المشركين، لأن الله لم يذكر هذه الآية إلا على جهة الذم لهم في قولهم: إن الله لو شاء ما أشركوا. فأضافوا ما هم عليه من الشرك أنه عن مشيئته كان ولو أن قولهم صحيح. ما ذَمَّهُمْ عليه. قالوا: فَدَلَّ ذلك على أن الله لم يشأ شرك المشرك. وفي قوله تعالى - بعد الآية -:{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } [الأنعام: 144، الأعراف: 37، يونس: 17، الكهف: 15] ما يدل على بطلان كذلك، بل الله المقدر لكل أمر من شرك وغيره. ومعنى: { لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } أي: لو شاء لأرسل الى آبائنا رسولاً يردهم عن الشرك، فنتبعهم. وقيل: إِنَّما قالوا ذلك على جهة الهُزْء واللعب والاستخفاف، ولو قالوه على يقين وحق لما رَدَّ عليهم ذلك. ثم قال لنبيه: { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ }: (قل) لهم يا محمد: { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ } على ما تقولون وتدّعون أن الله رضي ما صنعتم من عبادتكم الأوثان وتحريمكم ما لم يأمركم به؟، { فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ } أي: فتظهروا العلم بذلك، وما تتبعون إلا الظن في عبادتكم وتحريمكم، وما أنتم إلاّ تخرصون، أي: تتقَوّلون الكذب والباطل على الله ظناً بغير علم ولا برهان.