الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ } الآية.

المعنى: قل لهم يا محمد: لست أجد شيئاً قد حرمه الله على / آكل يأكله - فيما أوحي إليَّ من كتاب الله - إلا الميتة، والدم المسفوح - وهو الجاري السائل - ولحم الخنزير، وما ذبح للأصنام والأوثان: وهو قوله: { أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ }

ثم قال تعالى: { فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ } (أي) إلى أكل هذا المحرم، { غَيْرَ بَاغٍ }: (أي يبغي) الميتة، { وَلاَ عَادٍ } في الأكل. وقيل: باغ على المسلمين، من خرج لقطع السبيل، فليس له اذا جاع أن يأكل الميتة، قال ابن جبير. قال ابن عباس: من أكل الميتة غير مضَّطَر فقد بغى واعتدى. وقد تقدم ذكر هذا في سورة البقرة.

ومن قرأ (تكون) بالتاء ونصب { مَيْتَةً } فتقديره: إلا أن { يَكُونَ } المأكولة ميتة.

ومن قرأ بالتاء ورفع " الميتة " جعل " كان " بمعنى " وقع " ، وعطف { أَوْ دَماً } على (أَنْ) المستثناةِ.

والرجس هنا: النجس.

وفي هذه الآية خمسة أقوال:

- قيل: إنها منسوخة بالسنة، لأن النبي عليه السلام قد حرّم لحوم الحَمُر الأهلية وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. والآية تدل على أنه لا محرّم إلا ما فيها. وهذا قَولٌ مَرْدودٌ، لأنه خبر، والأخبار لا تنسخ.

- وقيل: إن الآية محكمة ولا حرام إلا ما فيها. وهو قول ابن جبير والشعبي، وبه قالت عائشة: لا حرام إلا ما في الآية.

- وقال الزهري ومالك بن أنس وغيرهما. الآية محكمة، ويضم ما سَنَّهُ النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون داخلاً في المحرمات.

والقول الرابع: إن الآية جواب لقوم سألوا عن أشياء فأجيبوا عنها، ثم بيّن النبي عليه السلام تحريم ما لم يسألوا عنه، ودل على ذلك قوله تعالى:وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ } [الأعراف: 157]. فالنبي عليه السلام يحرم بالوحي الذي في القرآن، ويحرم بما ليس في القرآن، وعلى الناس اتباع ذلك لقوله:وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [النجم: 3]: ولقوله:وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ } [النور: 54].

وأكثرهم يرى الضبع صيداً، منهم علي بن أبي طالب وابن عباس. قال عكرمة: رأيتُها على مائدة ابن عباس. وأجازه ابن عمر.

وقال أبو هريرة: الضبع نَعْجَةُ الغنم. وكَرِهَهَا مالك.

وقال الحسن البصري والنخعي والزهري: الثعلب سبع. وبه قال مالك، وكذلك روي عن أبي هريرة. ورخص في أكله عطاء وطاوس وقتادة والشافعي وأبو ثور.

وأكثرهم على منع أكل الهَرِّ. وبه قال مالك. ورخص فيه الليث. وذكره مجاهد وطاوس ثمن السنَّوِر، وبيعه، وأكل لحمه، وأنْ يُنْتَفَعَ بجلده.

وكلهم على أن ما قطع من الحي مما يؤلمه فهو ميتة. ورخص مالك رحمه الله في جواز قطع أَلْيَةِ الكبش ليُكْثِرَ لحمه، ومنع من أكل ما قطع.

السابقالتالي
2