الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

قوله: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ } الآية.

هذه الآية إعلام من الله وتذكير لعباده بنعمه، ومعنى { أَنشَأَ } أحدث وابتدع، الجنات وهي البساتين، والمعروشات: ما عُرِشَ كهيئة الكرم { وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ }: ما لم يُعرَش.

وقيل: المعروشات: ما غرس الناس، وغير معروشات: ما نبت في البر والجبال من غير غرس (الناس) له من الثمرات. وقيل: معروشات: " عليها حيطان ".

{ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ } أي: وأنشأ ذلك. { مُخْتَلِفاً } أي: مقدراً فيه الاختلاف ولم ينشأ في أول مرة مختلف، وهذا كما تقول: " لَتَدْخُلَنَّ الدَّارَ آكلِينَ شَارِبينَ " ، أي: مقدرين ذلك.

والمعنى: " مختلفاً ما يخرج منه مما يؤكل ". { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ } أي: وأنشأ الزيتون والرمان { مُتَشَٰبِهاً } ((أي)) في اللون والمنظر، { وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ } ((أي)) في الطعم. وقيل: المعنى: أن منه ما يشبه بعضه بعضاً في الطعم، ومنه ما لا يشبه بعضه بعضاً في الطعم والمنظر. { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } أي: من رُطَبِهِ (وعنبه).

قوله: { حَصَادِهِ }: بالفتح تميمية، وبالكسر حجازية.

وقوله: { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }: قال سعيد بن جبير: هذا منسوخ بالزكاة، وهو قول عكرمة، وبه يقول الطبري.

و " قال الضحاك: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن ".

وقال ابن عباس: هو منسوخ بالسنة، بقول النبي: العشر ونصف العشر، وهو قول السدي وابن الحنيفة والنخعي؟.

وروى أبو سعيد الخدري أن النبي عليه السلام قال: " هو ما يسقط من السنبل " والآية - على هذا - نَدْبٌ.

وقال أنس بن مالك: هي محكمة، والمراد بها الزكاة المفروضة، وهو قول الحسن وابن المسيب وجابر بن زيد وعطاء وقتادة وزيد بن أسلم، وهو مروي عن مالك.

واختلف فيه أصحاب الشافعي: فمنهم من تأول عنها أنَّها منسوخة، لأنه ليس في الرمان ولا في شيء من الثمار زكاة إلا في النخل والكرم. ومنهم من قال: هي محكمة على تأويل مذهبه.

وقال سفيان: الآية في شيء آخر سوى الزكاة، وهو أن [يدع] المساكين لما يسقط من الحصادين، (وهي) محكمة. و (قد) قيل: إنَّها على الندب.

وقد عورض من قال: إنَّها في الزكاة المفروضة، بأنَّ هذه الآية مكية والسورة كذلك، ولم يختلف العلماء أنَّ الزكاة إنما فرضت بالمدينة، ولو كانت الزكاة المفروضة لوجب أن تعطى وقت الحصاد على نص الآية وقد جاءت السُّنَة أنَّ الزكاة لا تعطى إلا بعد الكيل.

وفي / الآية: { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } فلا يجوز أَنْ يكون هذا في الزكاة، لأَنَّها معلومة محدودة، ويجب أَنْ تكون الزكاة في كل الثمر ولو كانت في الزكاة المفروضة، وهذا لا يقوله أحد، وقد قال أبو حنيفة: إن في كل ما أخرجت الأرض الزكاة إلا الحطب والحشيش والقَصَبِ.

السابقالتالي
2