قوله: { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ } الآية. { جَمِيعاً } نصب على الحال. والمعنى: واذكر يوم نحشر هؤلاء العادلين (و) أولياءَهُم من الشياطين، { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ } أي: يقول لهم: يا معشر الجن، ومعنى { قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } أي: قد استكثرتم من إضلال الإنس. { وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم } أي: أولياء الشياطين من الإنس، { رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } ومعنى الاستمتاع هنا: (أن) الرجل كان في الجاهلية ينزل الأرض فيقول: " أعود بكبير هذا الوادي " ، فهذا استمتاع الإنس. وأما استمتاع الجن فهو تشريف الإنس لهم واستعاذتهم بهم واعتقادهم أن الجن يقدرون على ذلك. وقيل: معنى الاستمتاع: أن الجن أَغْوَتِ الإنس، وقَبِلت الإنس منها. وقيل: المعنى: أن الإنس تلذذوا بقبولهم من الجن، (وأن الجن) تلذذوا بطاعة الإنس لهم. وقالوا: { وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا } وهو الموت. (قَالَ) الله: { ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ } أي: مقامكم بها خالدين. وقوله: { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } استثناءٌ ليس من الأول، والمعنى: إلا ما شاء الله من الزيادة في عذابكم. وسيبويه يمثل هذا بمعنى " لكنَّ ". والفراء يمثّله بمعنى: " سوى ". ومثله في " هود ": { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أي: ما شاء من الزيادة، وقال الزجاج: معنى الاستثناء هنا إنِّما هو: إلاّ ما شاء رَبُّك من محشرهم ومحاسبتهم. وقال الطبري: المعنى فيه أنه استثنى مدة محشرهم من قبورهم الى مصيرهم الى جهنم، فتلك المدة التي استثنى الله تعالى من خُلُودِهِمِ في النَّار. (و) قال ابن عباس: جعل الله أمر هؤلاء القوم في مبلغ عذابه إلى مشيئته، وروي عنه أنه قال: هذه آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، لا ينزلهم جنةٌ ولا ناراً. وقال: هذا الاستثناء لأهل الايمان. { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ } العليم: هو العالم الذي كمل فيه علمه، والحكيم: / الذي قد أكمل في حكمته، ويكون " الحكيم ": الحاكم، أو بمعنى الحكم.