الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ }

قوله: { وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ } الآية.

{ جَمِيعاً } نصب على الحال. والمعنى: واذكر يوم نحشر هؤلاء العادلين (و) أولياءَهُم من الشياطين، { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ } أي: يقول لهم: يا معشر الجن، ومعنى { قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } أي: قد استكثرتم من إضلال الإنس.

{ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم } أي: أولياء الشياطين من الإنس، { رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } ومعنى الاستمتاع هنا: (أن) الرجل كان في الجاهلية ينزل الأرض فيقول: " أعود بكبير هذا الوادي " ، فهذا استمتاع الإنس. وأما استمتاع الجن فهو تشريف الإنس لهم واستعاذتهم بهم واعتقادهم أن الجن يقدرون على ذلك.

وقيل: معنى الاستمتاع: أن الجن أَغْوَتِ الإنس، وقَبِلت الإنس منها.

وقيل: المعنى: أن الإنس تلذذوا بقبولهم من الجن، (وأن الجن) تلذذوا بطاعة الإنس لهم.

وقالوا: { وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا } وهو الموت. (قَالَ) الله: { ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ } أي: مقامكم بها خالدين.

وقوله: { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } استثناءٌ ليس من الأول، والمعنى: إلا ما شاء الله من الزيادة في عذابكم. وسيبويه يمثل هذا بمعنى " لكنَّ ". والفراء يمثّله بمعنى: " سوى ".

ومثله في " هود ": { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أي: ما شاء من الزيادة، وقال الزجاج: معنى الاستثناء هنا إنِّما هو: إلاّ ما شاء رَبُّك من محشرهم ومحاسبتهم. وقال الطبري: المعنى فيه أنه استثنى مدة محشرهم من قبورهم الى مصيرهم الى جهنم، فتلك المدة التي استثنى الله تعالى من خُلُودِهِمِ في النَّار. (و) قال ابن عباس: جعل الله أمر هؤلاء القوم في مبلغ عذابه إلى مشيئته، وروي عنه أنه قال: هذه آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، لا ينزلهم جنةٌ ولا ناراً. وقال: هذا الاستثناء لأهل الايمان.

{ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ } العليم: هو العالم الذي كمل فيه علمه، والحكيم: / الذي قد أكمل في حكمته، ويكون " الحكيم ": الحاكم، أو بمعنى الحكم.