الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ }

قوله: { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } الآية.

المعنى: وأي شيء لكم في ترك أكل ما ذكر اسم الله عليه، وقد فصل لكم الحرام من الحلال؟

وقرأ عطية العَوْفي (وَقَدْ فَصَلَ) بالتخفيف، على معنى: (أبان لكم)، { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } يريد لحم الميتة للمُضطَّر.

ثم قال: { وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ } من فتح الياء أضاف الضلال إليهم في أنفسهم، وتصديقه قولههُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ } [النحل: 125، النجم: 30، القلم: 7] وقَدْ ضَلُّواْ } [النساء: 167، المائدة: 77، الأنعام: 140، الأعراف: 149] وهُمُ ٱلضَّآلُّونَ } [آل عمران: 90].

وحجة من ضم أنه أبلغ، لأنَّ كلُّ من أضلَّ غيره فهو ضَالْْ، وليس كل من ضلَّ أضلَّ غَيْرَهُ، فالضم أبلغ في الإخبار عنهم. وحجَّته أيضاً، أنَّهم قد وصفوا قبل بالكفر الذي هو الضَّلال، فلا معنى لوصفهم بذلك، فوجب وَصْفُهم بأنَّهم مع ضلالتهم يُضِلُّون غيرهم. وكذلك الحجة فيما كان مثله مثلوَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [لقمان: 6]، الضم أبلغ لأنَّ شراء لهو الحديث ضلال، (فوصفه بفائدة) أخرى أولى من وصفه بما قد دَلَّ عليه الكلام الاول.

فالإضلال - هنا - أمكن من الضلال. وقد أجمع الجميع / على قوله:فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ } [الأنعام: 144] أنه بالضم، وعلىفَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } [الأحزاب: 67].

قوله: { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ (بِٱلْمُعْتَدِينَ) } أي: بمَنْ اعتدى حدوده فتجاوزها.