الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } * { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } * { كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قوله: { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ } إلى قوله: { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } الآيات.

أي ولكن يكون ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى للفقراء المهاجرين، يعني مهاجرة قريش.

قال مجاهد: / جعل / الله عز وجل ما أفاء الله على رسوله من قريظة لمهاجرة قريش الذين أخرجهم المشركون من ديارهم وأموالهم، فخرجوا ملتمسين فضلاً، أي: ثوابا من الله ورضونا منه عليهم، وناصرين دين الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

{ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } أي: صدقوا في فعلهم وقولهم.

ثم قال: { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ } أي: الذين سكنوا الدار، وهي المدينة، أي: اتخذوها مسكناً، واتخذوا الإيمان دينا من قبل إتيان المهاجرين، يعني الأنصار يحبون من هاجر إليهم، يعني من مكة وغيرها.

ثم قال: { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } أي: ولا يجد الأنصار في قلوبهم حسداً مما أعطي المهاجرون دونهم من الفيء.

روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني النضير بين المهاجرين الأولين دون / الأنصار إلا رجلين من الأنصار أحدهما سهل بن حنيف والآخر أبو دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقراً فأعطاهما النبي صلى الله عليه وسلم لفقرهما، وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الله كان قد أعطاه أموالهم يفعل فيها ما يشاء، وقد تقدم ذكر ذلك، قاله عبد الله بن أبزى.

وقال ابن زيد: " لما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بأموال بني النضير المهاجرين الأولين، تكلم في ذلك بعض الأنصار، فعاتبهم الله عز وجل، فقال: { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } " الآية.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم، فقالوا أموالنا بينهم قطائع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك قالوا وما ذلك يا رسول الله قال هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر فقالوا نعم يا رسول الله ".

قال الحسن: { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } [يعني الحسنة. ثم قال تعالى:] { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } هذا من صفة الأنصار، وصفهم الله عز وجل أنهم يعطون المهاجرين أموالهم إيثاراً لهم بها على أنفسهم.

{ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } أي: يؤثرون المهاجرين على أنفسهم بما عندهم، وإن كان بهم فاقة وحاجة.

روى أبو هريرة: " أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليضيفه، فلم يكن عنده ما يضيفه، فقال ألا رجلاً يضيف هذا رحمه الله، فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة فأنطلق به إلى رحله فقال لامرأته أكرمي ضيف رسول الله، نومي الصبية أطفئي المصباح وأريه أنك تأكلين معه، واتركيه لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم براً له، قال: ففعلت فنزلت: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } ".


السابقالتالي
2 3