الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

قوله: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } إلى قوله { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } الآيات.

أي: صلى وسجد لله ما في السماوات وما في الأرض من خلقه، وهو العزيز في انتقامه من أعدائه، الحكيم في تدبير خلقه.

ثم قال: { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ } يعني: بني النضير حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم في منصرفه من أحد، لأنهم أعانوا المشركين على المسلمين ونقضوا العهد، فلما ضيق عليهم صالحهم على أن لهم ما حملت الأبل من رحالتهم سوى الحلقة، والحلقة: السلاح، وأجلاهم إلى الشام، وذلك أول الحشر / [حشر الناس إلى الشام في الدنيا ثم يحشرون إليها في الآخرة، فلذلك قال لأول الحشر]: أي: لأول الحشر في الدنيا إلى ارض الشام، ومنهم من جلي إلى خيبر، وبنو النضير حي من اليهود لم يجلوا قط، ولكن قضى الله عز وجل عليهم أنهم لا بد أن يجلوا من ديارهم. وهو قوله: { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا } يعني: بالسيف والسبي. وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلى بني النضير إلى الشام قال لهم امضوا هذا أول الحشر وأنا على الأثر.

قال عكرمة: إن شككتم أن الشام أرض المحشر فاقرأوا أول الحشر.

وقال ابن عباس: لأول الحشر، أنهم أول من حشر من أهل الكتاب وأخرج من ديارهم.

ثم قال: { مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ } يقوله للمؤمنين، لم تظنوا أيها المؤمنون أنهم يخرجون من ديارهم / لشدتهم واجتماع كلمتهم.

{ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ } روي أن المنافقين بعثوا إليهم من المدينة لما حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم يأمرونهم بالثبات في حصونهم ويعدونهم النصرة، وهو قوله:أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } [الحشر: 11] الآية.

وقوله: { لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ } هو إخراج النبي بني النضير من المدينة إلى خيبر، وآخر الحشر هو إخراجهم من خيبر إلى أريحا وأذرعات، وذلك على يد عمر رضي الله عنه. وقيل آخر حشرهم يوم القيامة.

ثم قال: { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } أي: فجاءهم أمر الله، فقذف في قلوبهم الرعب عند نزول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بهم، فذهب ما كانوا يظنون أن حصونهم مانعة لهم من النبي عليه السلام وأصحابه.

وقال أبو صالح: معنى: { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ }: هو قتل كعب ابن الأشرف.

وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " نصرت بالرعب على مسيرة شهر ".

ومعنى { يَحْتَسِبُواْ }: يظنوا. وقيل: يعلموا، من قول الناس: حسبه الله: أي: العالم بخبره الله، وهو الذي يجازيه.

السابقالتالي
2 3 4