الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } * { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ } إلى قوله: { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } الآيات.

أي لقد أرسلنا إلى أمم بالآيات المفصلات وأنزلنا معهم الكتاب بالأحكام والشرائع، والميزان بالعدل.

قال ابن زيداً (الميزان) ما يعمل به، ويتعاطون عليه في الدنيا من معائشهم في أخذهم وإعطائهم، فالكتاب فيه شرائع دينهم وأمر أخراهم، والميزان فيه تناصفهم في دنياهم.

{ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ } أي: ليعمل الناس بينهم بالعدل.

ثم قال: { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } أي: قوة شديدة.

{ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } أي: وفيه منافع للناس، وذلك ما ينتفعون به عند لقائهم العدو وغير ذلك من المنافع مثل السكين والقدوم.

قال ابن زيد البأس الشديد: السيوف والسلاح التي يقاتل بها الناس والمنافع هو حفرهم بها وحرثهم بها وغير ذلك.

قال مجاهد: أنزله ليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، وأرسلنا الرسل وأنزلنا الكتاب والميزان ليعدلوا بينهم وليعلم حزب الله من ينصر دينه ورسله بالغيب منهم.

{ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ } أي: على الانتصار ممن بارزه بالمعاداة، وخالف أمره عزيز في انتقامه منهم.

قال مجاهد: أنزل الحديد ليعلم من ينصره.

ثم قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ } الآية.

أي أرسلهما تعالى إلى قومهما، وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب، ولذلك كانت النبوة في ذريتهما، وعليهم أنزل الله كتبه التوراة والزبور والإنجيل وأكثر الكتب.

ثم قال: { فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ } أي: فمن ذريتهما مهتد إلى الحق.

{ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } أي: ضلال عن الحق.

ثم قال: { ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم } (أي: اتبعنا آثارهم برسلنا) أي: آثار الذرية، وقيل الضمير يعود على نوح وإبراهيم وإن كانا اثنين لأن الاثنين جمع.

ثم قال: { وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } أي: واتبعنا الرسل بعيسى ابن مريم.

{ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ } روي أنه نزل جملة.

ثم قال: { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً } أي اتبعوا عيسى رأفة وهي أشد الرأفة.

{ وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا } وأحدثوا رهبانية أحدثوها.

{ مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ } أي: ما افترضنا (عليهم الرهبانية).

{ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ } أي: لم تكتب عليهم إلا أن يبتغوا رضوان الله " فابتغاء بدل من الضمير في " كتبناها ".

وقيل هو منصوب على الاستثناء المنقطع.

وقال الحارث المحاسبي: لقد ذم الله قوماً من بني إسرائيل ابتدعوا رهبانية لم يؤمروا بها، ولم يرعوها حق رعايتها.

وحكى عن مجاهد أنه قال في الآية معناها كتبناها عليم ابتغاء رضوان الله.

(قال أبو أمامة الباهلي وغيره / معنى الآية: لم نكتبها عليهم ولم يبتدعوها إلا ابتغاء رضوان الله، فعاتبهم الله بتركها.

قال الحارث: وهذا أولى التفسيرين بالحق، يريد قول أبي أمامة قال وعليه أكثر العلماء، وقال الحارث فذمهم الله عليه بترك رعاية ما ابتدعوا، فكيف بمن ضيع رعاية ما أوجب الله عليه).

السابقالتالي
2 3