الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ } * { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ }

قوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } إلى قوله: { فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } الآيات.

أي والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله، وصدقوا الرسل { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ } أي: الذين كثر صدقهم وتصديقهم.

ثم قال: { وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } أي: لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم.

ومذهب ابن عباس ومسروق والضحاك أن " الشهداء " منفصل من " الصديقين " منقطع منه.

وروى البراء بن عازب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " مؤمنو أمتي شهداء " ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية.

فهذا يدل على أنه متصل بالصديقين، أي: أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم، أي: لهم أجر الشهداء، ونورهم: أي: للمؤمنين أي: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أجر الشهداء ونورهم.

وروى سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: كلكم صديق وشهيد فقيل له انظر ماذا تقول يا أبا هريرة، فقال اقرأوا هذه الآية فذكرها.

وروي " أن رجلاً من قضاعة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس وصمت شهر رمضان، وآتيت الزكاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم من كان على هذا كان من الصديقين والشهداء ".

وعن ابن عباس أنه قال يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم " أنه قال كل مؤمن صديق، ويزكي الله بالقتل من يشاء ثم تلا هذه الآية ".

قال مجاهد: هو متصل، وكل مؤمن شهيد.

وروي ذلك عن ابن عمر، روي عنه أنه / قال في حديث له. والرجل يموت على فراشه هو شهيد، وقرأ هذه الآية.

وقيل " الشهداء " في هذا الموضع: النبيون الذين يشهدون على أممهم وهو قوله تعالى:فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [النساء: 41].

هذا قول الفراء، والقول الأول هو اختيار الطبري، ويكون تمام الكلام: " الصديقون ".

ثم يبتدئ الإخبار عن الشهداء، وإنما سمي المقتول في سبيل الله عز وجل شهيداً، لأنه يشهد له بالجنة.

وقيل سمي شهيداً لأنه يشهد عند الله على الأمم. قال تعالىوَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [الحج: 78].

وقال مجاهد: سمي المؤمن شهيداً، لأنه يشهد عند الله على نفسه بالإيمان.

ثم قال: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }.

أي جحدوا ما أنزل الله عز وجل وكذبوا بالقرآن هم أصحاب النار.

ثم قال: { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ [وَلَهْوٌ] } أي /: اعلموا أيها الناس أن ما عجل لكم في الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة زائلة مضمحلة، فأنتم تفاخرون بها وتتكثرون بها فمثلكم كمثل مطر أعجب الكفار نباته، أي: أعجبه الزراع نباته فهو على نهاية الحسن.

السابقالتالي
2 3