الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } * { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } * { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } * { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } * { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } * { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ }

قوله { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } إلى قوله { كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } الآيات.

{ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }.

أي: ولقد بينا وسهلنا القرآن لمن أراد أن يذكر ويتعظ، فهل من طالب علم فيعان عليه.

ثم قال { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } [أي] كذب قوم صالح بنذر الله (التي أتتهم) من عنده، فقالوا مكذبين لرسولهم صالح { أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } أي: نحن الجماعة الكثيرة كيف نتبع بشراً واحداً.

{ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } أي: إن أتبعناه لفي ذهاب عن الصواب وسعر: أي: وعناد، قاله قتادة. وقيل: وسعر: وجنون.

ثم قال { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } هذا إخبار من الله جل ذكره عما قاله قوم صالح، أي: قالوا أأنزل الوحي عليه من بيننا على طريق الإنكار. { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } أي: كذاب لا يبالي ما قال. وأصل الأشر: المرح والبطر، قال الله عز وجل { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ }.

أهم أم هو، بل هم الكذابون الأشرون، وهذا تهدد ووعيد من الله لهم ولمن فعل فعلهم.

وقرأ أبو قلابة { ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } بالتشديد وفتح الشين ولا يجوز مثل هذا في الأولى لأنه لا يقال منه أفعل، وإنما جاز في الثاني لأنه من قولهم: زيد الأشر (ومَنْذِزٌ لِشَر) كما يقال: (الأْخَيرُ وَاُلَخُورَى). وقرأ ابن جبير ومجاهد: " من الكذاب الأشر " بضم الشين والتخفيف، وهي لغة في الأشر.

كما يقال رجل " خَوِرُ وَخَورً ". ثم قال تعالى { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ } أي: باعثوا الناقة التي سألها ثمود صالحاً آية لهم وحجة (من الله) لصالح ابتلاء لهم واختباراً هل يؤمنون به أو يكذبونه.

ثم قال { فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ }. هذا أمر من الله لصالح، أي: فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون بالناقة، واصبر على ارتقابهم ولا تعجل.

وكان ابتلاؤهم في ذلك أن الناقة خرجت لهم من صخرة صماء فآمن بعضهم، وكانت عظيمة كثيرة الأكل /. فشكوا ذلك إلى صالح وقالوا قد أفنت الحشائش والأعشاب ومنعتنا من الماء، فقال ذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء، ترد الماء يوماً وتردون يوماً، فكانت هذه الفتنة، وهو قوله: { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } أي: وخبر (قومك يا صالح) أن الماء يوم لهم يشربون ويتزودون، ويوم للناقة ترد فيه. وقيل المعنى أن الماء يوم غِبّ الناقة قسمة بينهم يشربون ويتزودون. ثم قال: { كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } أي: كل حظ من الماء يحضره من هو له.

وقيل المعنى: كل من له الماء يوماً يحضره، وتحضره الناقة يوماً. وقال مجاهد: يحضرون يومهم، ويحضرون اللبن يوم الناقة.

ثم قال: { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } [أيٍ] فنادت ثمود صاحبهم قَدَاراً عاقر الناقة لعقرها فحضوه على ذلك فتناول الناقة فعقرها.

السابقالتالي
2