الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ }

قوله: { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } إلى قوله: { ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } الآيات.

أي: أفرأيت يا محمد الذي أدبر عن الإيمان بالله عز وجل وأعرض وأعطى صاحبه قليلاً من ماله ثم منعه فلم يعطه وبخل عليه.

هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وذلك أنه عاتبه بعض المشركين لما أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما جاء به فضمن له الذي عاتبه إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الآخرة ففعل وأعطى الذي عاتبه على ذلك بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه تمام ما ضمن له.

ومعنى وأكدى: قطع العطية ولم يتمها قاله ابن عباس ومجاهد، وقتادة.

ثم قال: { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } أي: أعند هذا الذي ضمن له العذاب أن يتحمله عنه في الآخرة علم الغيب فهو يرى حقيقة قوله ووفائه بما وعده.

وقيل: المعنى أعَلِمَ الوليد أن هذا الذي يتحمل عنه العذاب في الآخرة كما قال: ويرى: بمعنى: يعلم.

ثم قال: { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } أي: أم لم يخبر هذا المضمون له أن يحتمل عنه العذاب في الآخرة بالذي في صحف موسى.

{ وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } أي: وفي الرسالة وبلغها إلى من أرسلت إليه.

وقيل معناه: وَفَّى ما عهد إليه ربه من تبليغ الرسالة وهو { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي: بلغ ألا يحمل أحد ذنب أحد.

قال ابن عباس: كانوا قبل إبراهيم يأخذون الولي بالولي حتى كان إبراهيم عليه السلام فبلغ { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } ، { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ }.

وقال قتادة: وفى طاعة الله ورسوله إلى خلقه.

وقال ابن جبير: بلَّغ ما أمره به ربه وهو قول (ابن زيد وسفيان) والنخعي.

وعن ابن عباس أيضاً: أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم وفَّى بما أمره ربه عز وجل من الذبح والرؤيا، والذي في صحف موسى: { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ }.

وعن ابن عباس أيضاً: أن إبراهيم وفى شرائع الإسلام ثلاثين سهماً، وما ابتلي بهذا الدين أحد فأقامه إلاَّ إبراهيم فإنه وفَّى به.

وقال مجاهد: وفي ما فرض عليه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ألا أخبركم لم سمَّ الله جل ذكره إبراهيم خليله " الذي وفَّى ". لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } الآية ".

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " وفى إبراهيم بحمد ربه أربع ركعات في النهار ".

وقوله: { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أكثر المفسرين على أنه ما في صحف موسى وإبراهيم، وفَّى بالشرائع والأوامر على ما تقدم من الاختلاف.

السابقالتالي
2