الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } * { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } * { مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ } * { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ } * { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ }

قال: { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ } إلى آخر السورة الآيات أي: فاهربوا من عذاب الله إلى الله بالإعمال الصالحات.

{ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي: أنذركم عقابه، وأبين لكم النذارة. (وقيل معناه: فروا إلى الله من أمر الله). س

ثم قال: { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } أي: لا تعبدوا إلهاً آخر، إنما هو الله واحد، إني لكم منه نذير مبين كالأول. فالأول تخويف من الله لمن عصاه من الموحدين، والثاني تخويف لمن عبد معه غيره من المشركين، " وكذلك " تمام عند أبي حاتم وأحمد ابن موسى وعند غيرهما " مبين " الثاني، والكاف من " كذلك " إن وقفت عليها في موضع رفع، أي: الأمر / كذلك، ومن ابتدأ بها، فهي في موضع نصب.

أي: فعل قريش مثل فعل من كان قبلهم في قولهم للرسول ساحر أو مجنون، والتقدير كما كذبت قريش محمداً كذلك كذبت الأمم من قبلها رسلهم، وكما قالت في محمد قريش، كذلك قالت الأمم (قبلها، كأنهم تواصوا على ذلك).

ثم قال: { كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي: كما فعلت قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذلك فعلت الأمم قبلها.

ثم قال: { أَتَوَاصَوْاْ بِهِ } أي: أوصى بذلك بعضهم بعضاً.

قال قتادة: معناه: كأن الأول أوصى الآخر بالتكذيب.

ثم قال: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } أي: لم يتواصوا بذلك لكنهم اتفقوا في الطغيان والعصيان فركبوا طريقة واحدة في التكذيب لرسلهم، والكفر بالله سبحانه.

ثم قال: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } أي: فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين حتى يأتيك أمر الله فيهم.

{ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } أي: لا يلومك ربك على إعراضك عنهم.

وقال ابن زيد: معناه: بلغت ما أرسلناك به فلست بملوم.

قال قتادة: ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية اشتد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وظنوا أن الوحي قد أنقطع، وأن العذاب قد حضر فأنزل الله بعد ذلك { وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.

وقال الضحاك: التوالي منسوخ؛ لأنه قد أمر بالإقبال عليهم، والموعظة لهم، والمعنى وذكِّر يا محمد من أرسلت إليه، فإن العظة تنفع أهل الإيمان بالله.

وقيل: المعنى: وذكَّرهم بالعقوبة والهلاك وبأيام الله.

وليس قوله { فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } بوقف؛ لأنه لم يؤمر بالتولي فقط، بل أمر معه بالتذكير. والتمام { تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.

ثم قال: { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } يعني: من المؤمنين المتقدم ذكرهم، لم يخلق المؤمن من الجن والإنس إلا للعبادة.

يعني: من علم منهم أنه يؤمن، فخلقه لما علم منه، وهو الإيمان.

وقيل معنى الآية: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفوني، فكل الخلق مقر بالله عارف به كما قال:

السابقالتالي
2