الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ }

قوله: { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } إلى قوله: { مُحْسِنِينَ } الآيات.

المعنى: ورب الرياح الذاريات ذروا. يقال: ذَرَتِ الرِّيحُ الشَّيءَ: إذا فَرَّقَتْهُ، وأَذْرَتْهُ فَهِيَ مَذْرِيَّة.

ثم قال: { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } ورب السحاب الحاملات وقراً، يعني موقرة من ماء المطر، يعني مثقلة من المطر.

ثم قال: { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } أي: ورب السفن الجاريات يسراً: أي: جرياً سهلاً.

ثم قال: { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } أي: ورب الملائكة المقسمات بأمر الله الأمر من عنده بين خلقه.

قال الفراء: { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } يعني: الملائكة (تأتي بأمر مختلف) جبريل / صاحب الغلظة، وميكائيل صاحب الرحمة، وملك الموت يأتي بالموت، فتلك قسمة الأمر، والجواب عن هذه الأقسام:

{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٌ } يعني: البعث والجزاء، والجنة والنار.

قال أبو الطفيل: شهدت علي بن أبي طالب يخطب وهو يقول: سلوني فوَالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أعلمتكم به، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل، فقام إليه ابن الكواء فقال: ما والذاريات ذرواً، فالحاملات وقراً، فالجاريات يسراً فالمقسمات أمراً، (فقال علي): ويلك، سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً، والذاريات ذرواً: الريح، فالحاملات وقراً: السحاب، فالجاريات يسرا: السفن، فالمقسمات أمرا: الملائكة، وهو قول ابن عباس.

وقد قيل: إن الحاملات وقراً السفن تحمل أثقال بني آدم بأمر الله عز وجل.

وقيل: هي الرياح؛ لأنها تحمل السحاب من بلد إلى بلد فتسوقه.

وقوله { لَصَادِقٌ } معناه لصدقه، فوقع الاسم في موضع المصدر، كما يأتي المصدر في موضع الاسم نحو: هو رجل عدل: أي: عادل، ورجل رضى أي: مرضي ودرهم وِزْنُ الأمير: أي: مَوْزُونُه.

ثم قال: { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٌ } أي: وإن الجزاء بالأعمال لواقع يوم القيامة كائن لا محالة فيه.

ثم قال: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } أي: ورب السماء ذات الخلق الحسن.

فقال ابن عباس: ذات الحبك: هو حسنها واستواؤها.

وقال أبو مالك: وأبو صالح وعكرمة ذات الحبك: ذات الخلق الحسن.

وقال الحسن: ذات النجوم. قال: حُبِكَتْ بالخَلقِ الحَسَنِ: حُبِكَتْ بِالنُّجُومِ.

وقال أبو عبيدة: ذات الحبك: ذات الطرائق، يقال للرمل والماء إذا ضربتهما الريح فصارت فيهما طرائق حبائك.

قال الأخفش: واحد الحُبُك: حِبَاك.

وقال الكسائي والفراء: يقال حِبَاك وَحَبِيكة، ويقال لِتَكَسُّرِ الشَّعر الجعد حُبُكٌ، وحباك الحمام: طرائق على جناحيه، وطرائق الماء حُبُكه.

قال ابن جبير: ذات الحبك: ذات الزينة.

وروى البكالي عن عبد الله بن عمر والسماء ذات الحبك: قال: هي السماء السابعة.

وجواب القسم قوله: { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } ، (أي: منكم مصدق بهذا القرآن مكذب به).

قال الحسن: { لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ }: (أي: في أمر النبي صلى الله عليه وسلم).

السابقالتالي
2