قوله تعالى: { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } إلى قوله: { فَحَقَّ وَعِيدِ } الآيات. روى عطاء والضحاك عن ابن عباس: أن قۤ اسم جبل محيط بالدنيا من زبرجدة خضراء وأن السماء عليه مقبية أقسم الله جل ذكره به. وقال ابن عباس: " قۤ " و " نۤ " وأشباه هذا قسم أقسم الله به، وهو اسم من أسماء الله. وقال قتادة: اسم من أسماء القرآن، وعنه: أنه اسم من أسماء السور، والوقف على ق، في هذه الثلاثة تقديرات، حسن. وقال الفراء: معنى قۤ، " قُفِيَ الأَمْرُ واللهَّ " ، فاكتفى بالقاف عن الجملة كما قال: " قُلْتُ لَهَا قِفِي لَنَا، فَقَالَتْ قَافْ " ، أي: قَد وقَفْتُ، أي: فاكتفى بالقاف عن الجملة، وتَقِفُ على " قاف " في هذا القول إِلاَّ أن تَجْعَلَه جواباً للقسم بعده فلا تقِفُ عليه، فإن أضمرتَ الجواب وقفتَ على قاف، وكذلك التقدير في القول الذي بعده، وهو قول مجاهد. وقال مجاهد: قۤ جبل محيط بالأرض، وقيل: إنه من زمردة خضراء وإن خضرة السماء والبحر منه. وقوله: { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } قسم، والمجيد: الكريم. وقيل: الرفيع القدر. واختُلف في جواب القسم، فقيل: الجواب { بَلْ عَجِبُوۤاْ } لأن " بل " تُؤَكد وتُوجِب وقوع ما بعدها. مثل " أن " و " اللام " ، وقولُك " لَقَدْ عَجِبُوا " و " بَلْ عَجِبُوا " واحد. وقال الأخفش سعيد، الجواب: قد علمنا ما تنقص الأرض، أي: قد علمنا ذلك، وهو قول الكسائي. وقال الزجاج: الجواب محذوف، والتقدير: والقرآن المجيد لتُبعثُن. وقيل التقدير: والقرآن المجيد لتعلمن عاقبة تكذيبكم بالبعث، ودل على ذلك مَا حكى الله عنهم من قولهم { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ }. وقيل الجواب (قۤ لأنه) بمعنى قُفِيَ الأَمْرُ والقرآن المجيد. وقيل الجواب (قۤ): وعلى تقدير هو " قۤ " والقرآن المجيد، وهذا على قول ابن زيد ووهب بن منبه لأنهما قالا " قاف " اسم للجبل المحيط بالأرض. وقيل الجواب { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ }. ثم قال تعالى: { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ }. أي: لم يكذبك قريش يا محمد لأنهم لا يعرفونك بل لتعجبهم وإنكارهم من بشر / مثلهم ينذرهم بأمر الله عز وجل. { فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ }. قال بعض أهل المعاني: (العجب وقع من المؤمنين) والكافرين فقيل بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم. ثم ميز الله الكافرين من المؤمنين [فقال تعالى]: { فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَءِذَا مِتْنَا } الآية فوصفهم بإنكار البعث، ولم يقل: بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقالوا هذا شيء عجيب. ثم بيَّن قول الكافرين من جميع من تعجب من إرسال منذر، فآمن المؤمنون مما تعجبوا منه، وكفر الكافرون به.