الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

قوله: { وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } إلى قوله: { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } الآيات.

أي: وقال قرين هذا الإنسان الذي جاء به ربه يوم القيامة ومعه سائق وشهيد: هذا ما عندي حاضر مما كتبت عليه.

قال ابن زيد: هو سائق الذي وكل به.

قال قتادة قرينه: الملك.

وقيل قرينه: شيطانه.

وقيل معنى عتيد: معد.

وقيل معناه: قال قرين الكافر هذا ما عندي من العذاب له حاضر.

[وقيل معناه: قال قرينه من زبانية جهنم هذا ما عندي من العذاب حاضر].

ثم قال: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ }.

قال الفراء والكسائي: " أَلْقِيَا " مخاطبة للقرين.

قال الفراء: والعرب تخاطب الواحد مخاطبة الاثنين، فتقول: " يا رجل قوما ".

وأنشد:
خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى أُمِّ جُنْدُبٍ   [لِنَقْضِي لُبَانَاتِ] الفُؤادِ المُعَذَّبِ
وإنما خاطب واحداً، واستدل على ذلك بقوله في القصيدة:
أَلَمْ تَرَيَانِي كُلَّمَا جئتُ طارقاً   وجدتُ بها طِيباً وإن لم تَطِبِ
وقيل: إنما ثني (ألقيا)، لأن قريناً يقع للجماعة والاثنين كقوله:وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } [التحريم: 4]، وكقوله:عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } [ق: 17]، على قول من رأى ذلك، وقد تقدم ذكره.

وقيل: إنما قال ألقيا على شرط تكرير الفعل كأنه قال: أَلْقِ، أَلْقِ، فالألف تدل على التكرير /، وهو قول المبرد.

وقيل: هو مخاطبة للملكين، السائق والشهيد، والعنيد: المعاند للحق المجانب له.

وقيل العنيد: الجاحد للتوحيد.

وقوله: { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ }.

قال قتادة: مناع للخير: أي: للزكاة المفروضة.

معتد: متعد على حدود الله، مريب: شاك في الله وفي قدرته.

وقيل مريب: يأتي الأمور القبيحة.

وقيل الخير هنا: المال، يمنع أن يخرجه في حقه، معتد: متعد على الناس بلسانه وبطشه ظلماً. مريب: شاك.

ثم بينه تعالى فقال: { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } أي: هو الذي أشرك بالله غيره فجعل معه إلهاً آخر يعبده.

ثم قال /: { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }.

أي: قال قرين هذا الكافر الذي عبد مع الله غيره، وقرينه شيطانه، قاله ابن عباس وغيره.

قال ابن زيد: قال قرينه من الجن ربنا ما أطغيته، تبرأ منه، والمعنى أنه تبرأ من كفره، وقال ما أجبرته على الكفر، إنما دعوته فاستجاب لي، لأنه كان على طريق جائر عن الصواب، فأعلم الله عز وجل عباده بتبري بعضهم من بعض يوم القيامة، وقد مضى ذلك في مواضع.

ثم قال تعالى: { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ }.

(أي: قال لهما عز وجل) لا تختصما إِليَّ اليوم وقد قدمت إليكم في الدنيا بالوعيد على الكفر على لسان رسلي وكتبي.

قال ابن عباس: اعتذروا بغير عذر فأبطل الله حجتهم ورد عليهم قولهم، وإنما قال لهم " لا تختصموا " ولم يتقدم إلاَّ ذكرُ الاثنين؛ لأن قبله الأخبار عن جماعة في قوله: { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } ، وفي قوله:

السابقالتالي
2 3