الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله: { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية.

المعنى: في قول ابن عباس وغيره -: أن المؤمنين قالوا لما نزل تحريم الخمر: (يا رسول) الله، فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟، فنزلت: { لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ } الآية.

{ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ } أي: اتقى اللهَ الأحياء منهم في اجتناب ما حرم عليهم، { وَآمَنُواْ } أي: وصدقوا الله ورسوله فيما أمرهم به، { وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } أي: واكتسبوا من الأعمال ما يرضاه الله، / { ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ } أي: " وَ " اتقوا محارمه وصدقوا فثبتوا على ذلك، { ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ } أي: اتقوا الله، فدعاهم تقواهم إلى الإحسان، وهو العمل بما (لم) يفرض عليهم: من الخير والنوافل. فالاتقاء الأول: اتقاء تلقي أمر الله وقبوله، والثاني: الاتقاء بالثبات على الاتقاء الأول وترك التبديل، والاتقاء الثالث: الاتقاء بالإحسان والتقرب بالنوافل.

فهذه الآية نزلت - في قول الجميع - فيمن مات منهم وهو يشربها، أُعلِموا أنه لا جناح عليهم. وقال جابر بن عبد الله: صبح ناس غداة أُحد الخمر فقتلوا من يومهم جميعاً شهداء، وذلك قبل تحريمها، يريد: فنزلت الآية فيهم.

وقيل: نزلت فيما أكلوا من الحرام بالميسر و (ما شربوا) من الخمر فأُعلِموا أنه لا جناح عليهم في ذلك إذا ما اتقوا فيما يستقبلون.

وقيل: معنى { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ } أي: اتقوا شرب الخمر، وآمنوا بتحريمها " { ثُمَّ (اتَّقَواْ وَآمَنُواْ) } أي: اتقوا الكبائر وازدادوا إيماناً، " { ثُمَّ اتَّقَواْ } " أي: اتقوا الصغائر، { وَّأَحْسَنُواْ } بالنوافل.

وقيل: { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ } الكفر، { ثُمَّ اتَّقَواْ } الكبائر، { ثُمَّ اتَّقَواْ } الصغائر.

وقيل: [معنى هذا: { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ } فيما مضى: على إضمار " كان " مع " إذا " ، { ثُمَّ اتَّقَواْ } في الحال التي هم فيها، { ثُمَّ اتَّقَواْ } فيما يستقبلون.

(وقيل: {...... } { إِذَا مَا ٱتَّقَواْ }: في الحال التي هم فيها [ { ثُمَّ اتَّقَواْ } فيما يستقبلون] { ثُمَّ اتَّقَواْ } أي: ماتوا على ذلك وهم محسنون.