الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

قوله: { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } الآية.

معنى الآية: أن الذين ذكر أنهم أرادوا أن يحرموا الطيبات في الآية التي قبلها، / كانوا قد حلفوا ليفعلُن ذلك، فنهوا عن تحريم ما أرادوا تحريمه، وأُعلموا أن الله لا يؤاخذ باللغو في الأَيمان.

قال ابن عباس: لما نهاهم النبي عن ما أرادوا أن يفعلوا من التحريم، قالوا: يا رسول الله، كيف نصنع في أيماننا التي حلفنا بها؟، فأنزل الله { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } (الآية). ( { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ } ): من شدّد { عَقَّدتُّمُ } فمعناه: بما وكدتم الأيمان، فالتشديد يدل على تأكيد اليمين. ومن خفف فِلأَن " عقدهُ " تلزم فيه الكفارة إذا [حنث] بإجماع.

واختير التخفيف - عند من قرأ به -، لأن السامع إذا سمع التشديد سبق إليه أن الكفارة لا تكون إلا مع التأكيد وتكرير اليمين وهذا لا يقول به أحد.

والتخفيف يدل على أنه إن عقده ولم يكرره لزمته الكفارة إذا حنث. وأنكر أبو عبيد على من قرأ بالتشديد، وقال: لأنه يوهم أن الحنث لا يجب إلا بتكرير اليمين، لأن " فعّل " - في كلام العرب - لتكرير [الفعل].

وهذا الاعتراض لا يلزم، وإنما يكون التشديد للتكرير مع الواحد، فأما مع الجميع فلا، لأنه قد تكرر واحد يمين عقده كقولك: " ذَبَّحتُ الكباش " ، فكذلك ([عقّدتم الأيمان])، إنما وقع التكرير من أجل الجمع، ولو كانت الآية " عقدتم اليمين " ، للزم ما قال أبو عبيد، فالتشديد يكون للتكرير، (إلا أن) التكرير ينقسم قسمين:

- قسم يتكرر الفعل فيه على الواحد.

- وقسم يتكرر الفعل فيه على آحاد: مرة لكل واحد، وهو الذي في الآية.

وقال مجاهد: { بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ }: بما تعمدتم الأيمان. وقال عطاء: " بِما عقَّدتم الأيْمَانَ " كقولك " والله الذي لا إله إلاّ هو ".

وروى نافع عن ابن عمر: إذا حلف من غير أن يُؤَكِّدَ اليمين أطعم عشرة مساكين، لكل مسكين [مد] وإذا وكَّد اليمين أعتق رقبة.

فقيل لنافع: ما معنى " وكَّد اليمين "؟، قال: أن يحلف على الشيء مراراً.

ولغو اليمين: أن يحلف على الشيء يراه أنه كما حلف، ثم لا يكون كذلك، وهو قول مالك وجماعة معه، وقيل هو قولك: " لا والله " و " بلى والله " ، وهو قول الشافعي وجماعة معه.

وقيل: هو تحريمك ما أحل الله لك، فلتفعله ولا كفارة عليك، قاله ابن جبير وغيره. وقال مسروق: لغو اليمين: كل يمين في معصية ليس فيها كفارة.

السابقالتالي
2