قوله: { مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } الآية. هذا احتجاج على فرق النصارى في قولهم في عيسى. فالمعنى: ليس عيسى أول رسول مبعوث إلى الناس فيعجبوا من ذلك، بل قد خلت من قبله الرسل إلى الخلق، فهو واحد منهم، (فهو) مثل قوله في محمد{ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ } [الأحقاف: 9]، و (مثل) قوله:{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } [آل عمران: 144]. (والصدّيقة: الفعلية من الصدقٍ]. ومعنى الآية: ما المسيح في إنبائه بالمعجزات - من إبراء الأكمه وإحياء الموتى - { إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } أي: مثل الرسل التي قد خلت من قبله، أتى بالمعجزات كما أتى موسى وابراهيم، فهو أظهر الآيات، (فهو) كغيره ممن تقدم من الرسل الذين أظهروا الآيات. - ومعنى { خَلَتْ }: تقدمت -، فليس هو بأول رسول فيعجب منه. قوله { كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } كناية عن إتيان الحاجة، فنبه بأكل الطعام على عاقبته، وغلَّبَ المذكر على المؤنث. وقيل: المعنى: كانا يتغديان كما يتغدَّى البشر، ومن كان هكذا فليس بإله، لأن الإله لا يحتاج إلى شيء. قوله: { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلآيَاتِ } أي: انظر يا محمد كيف نبين لهؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى { ٱلآيَاتِ } ، وهي العلامات على بطلان ما يقولون في أنبياء الله، ثم انظر: يا محمد - مع تنبيهنا إياهم على ذلك - كيف يؤفكون، أي: من أين يصرفون عن الحق. يقال لكل مصروف عن شيء: (هو مأفوك عنه)، و (وقد أفكت فلاناً عن كذا) أي: صرفته عنه، آفِكُه أَفْكاً، و (قد أُفِكَتِ الأَرْضُ): إذا صرف عنها المطر.