قوله: { يَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ } الآية. من نصب (يقولَ) عطفه على (أن يأتي)، وهو بعيد جداً، لأنك (لو قلت): " عسى زيد أن يقوم ويأتي عمروا " لم يجز، كما لا يجوز: " عسى زيد أن يقوم عمرو ". ولو قلت: " عسى أن يقوم زيد ويأتي عمرو " حَسُنَ، كما يَحسُن " " عسى أن يقوم عمرو ". فلو كان نص الآية: " فعسى أن يأتي الله بالفتح " ، حَسُن العطف، وإنما تجوز الآية على أن تحمل على المعنى، لأن قولك: " عسى أن يأتي الله بالفتح " و " عسى الله أن يأتي بالفتح " ، سواء فيجعل النصب على المعنى، ويكون مثل قول الشاعر:
مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً
ومعنى الآية أنها متعلقة بما قبلها، والمعنى: { فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } إذا رأوا النصر، { يَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بعضهم لبعض، تعجّباً منهم ومن نفاقهم: { أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ } مؤمنين والمعنى - على [قراءة] من أتى بالواو - مثل ذلك وهو أبين. ومن قرأ بالنصب فمعناه: وعسى أن يقول الذين آمنوا كذا وكذا. وقال مجاهد: المعنى: { فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } [حينئذ] { يَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ } إنهم مؤمنون. قال الكلبي: فجاء الله بالفتح، فأمر الله نبيه بقتل بني قريظة وسبي ذراريهم وإجلاء [بني] النضير، فندم المنافقون حين أُجلِيَ أَهْلُ وَدِّهِمْ، وظهر (نفاقهم)، فعند ذلك قال المؤمنون - بعضهم لبعض - { أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ }.