الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ }

قوله: { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } الآية.

الطيبات - هنا - الحلال من الذبائح. وقيل: هي كل ما تلذذ به من الحلال. { وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ } أي: ذبائحهم، { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } (أي) ذبائحنا جائز (لنا) أن نطعمهم إياها، فتحليل ذلك هو لنا لا لهم، ومثله قولهوَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } [الممتحنة: 10] أي: أعطوهم ما أنفقوا، فالأمر لنا لاَ لَهم، لأنهم ليسوا ممن يؤمن بالقرآن فيكون الأمر لهم.

ومذهب الشعبي وعطاء وغيرهما أنه تؤكل ذبائحهم وإن سَمَّوا عليها غير اسم الله، وهذا عندهم ناسخ لقولهوَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } [الأنعام: 121]، ويروى ذلك عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت.

ومن العلماء من قال: هذا استثناء وليس بناسخ لِما في الأنعام، تؤكل ذبائح أهل الكتاب وإن ذُكِر عليها اسم المسيح.

ومذهب عائشة رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب وابن عمر أنه لا تؤكل ذبيحة الكتابي [إذا] لم يسم عليها.

و " كان " مالك يكره ذلك ولم يحرمه. وأما إن ذكر عليه اسم المسيح فلا تؤكل عند مالك. وكره مالك ذبائح أهل الكتاب لكنائسهم ولم يحرمه. فأما ذبيحة المجوسي فلا تؤكل.

وذبيحة نصارى تغلب لا تؤكل. وقال ابن عباس: تؤكل ذبائحهم، وهم بمنزلة غيرهم، وقال بذلك غيره من الفقهاء.

وقال علي بن أبي طالب: لا تؤكل ذبائحهم، وبه قال الشافعي: فأما الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجوس: " سُنّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتابِ " فإنه غير متصل الإسناد، (و) أيضاً فإن الحديث إنما جرى على سبب الجزية لا غير، وقوله " سُنُّوا بهم سُنَّةَ أهلِ الكتابِ " يدل على أنهم ليسوا منهم.

وقوله { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي: أحل لكم الحرائر من المؤمنات والحرائر من الذين أوتوا الكتاب - نصرانية أو يهودية -، إذا أعطيتها صداقها وهو { أُجُورَهُنَّ }.

وقيل: المحصنات - هنا - العفائف من هؤلاء ومن هؤلاء، فأجاز قائل هذا / نكاح الإماء من أهل الكتاب وتحريم غير العفائف من الجميع، قال ذلك مجاهد، وقاله سفيان والسدي.

والحربية من أهل الكتاب - وغيرها سواء - جائز نكاحها. ومن قال: المحصنات العفائف، فالحربية - من الإماء والحرائر - جائز نكاحها عنده، ومذهب مالك وغيره أن إماء أهل الكتاب لا يجوز نكاحهن.

وروي أن ثواب الرجل مع الزوجة المؤمنة أفضلُ من ثوابه مع الزوجة الكتابية، وروي أن الرجل إذا قبَّل زوجته المؤمنة، كتب له عشرون حسنة، وإذا جامعها كتب له عشرون ومائة حسنة، فإذا اغتسل منها، لم يمرّ الماء بشعرة من جسده إلا كتبت (له (عشر)) حسنات ومحي عنه عشر سيئات، وباهى الله به الملائكة فقال: انظُروا إلى عبدي قام في ليلة [قَرَّةٍ] يَغتَسِلُ من خَشْيَتي، ورَأَى أن ذلكَ (حقٌّ لي) عليه، اشهدوا يا ملائكتي أنّي قَد غَفرتُ لَه.

السابقالتالي
2