قوله: { وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ } الآية. قال سيبويه: أبت العامة إلا الرفع، يريد بالعامة الجماعة من الرواة والقراء، والاختيار عنده النصب، لأن الأمر بالفعل أولى، فهو عنده مثل " زيداً فاضربه " ، وخولف في ذلك فقال الكوفيون: الرفع أولى، لأنك لا تقصد إلى سارق بعينه، وإنما المعنى: كل من سرق فاقطعوا يده، ولذلك أجمعوا على أن [قرأوا]:{ وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا } [النساء: 16] بالرفع، وهو مذهب المبرد. وقال: { أَيْدِيَهُمَا } بالجمع ليفرق بين ما في الإنسان منه واحد وما فيه اثنان، هذا قول الخليل. وقال الكوفيون: أكثر ما في الإنسان - من الجوارح - اثنان " اثنان " مثل اليدين والرجلين والقدمين والأذنين، فلما جرى أكثره على هذا، ذُهِب بالواحد منهم - إذا أضيف إلى آخر - مذهب الجمع. وقيل: فعل ذلك، لأن التثنية جمع. وقيل: لأنه لا يُشْكل. وأجاز سيبويه جمع غير هذا مما (ليس) في الإنسان في حال التثنية وحكى ( " وَضَعا رِحالَهما): يريد رَحْلَيْ راحِلَتَيْن. وقرأ ابن مسعود " والسّارق والسّارقَةَ " بالنصب، وبه قرأ عيسى بن عمر. { جَزَآءً } مفعول من أجله، ويكون مصدراً، ومثله { نَكَالاً }. وقرأ ابن مسعود (فاقطعوا أيمانهما). والألف واللام في { ٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ } دخلتا لتعريف النوع كـ{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي } [النور: 2]، و [ليستا] لتعريف الجنس، إنما يكونان لتعريف الجنس فيما لزمته الألف واللام (من أجل جنسه: كالرجل والدينار والدرهم، وما لزمه الألف واللام) لأجل فِعله، فهو تعريف النوع كالسارق والزاني وشبهه، وهذا يزول عنه هذا الاسم بزوال فعله، والأول لا يزول عنه أبداً. ومعنى الآية: من سرق من رجل أو امرأة فاقطعوا أيديهما. وعنى بذلك سارق ثلاثة [دراهم]، أو ربع دينار أو (ما قيمته) ربع دينار، أو ثلاثة [دراهم] فصاعداً، هكذا بيَّنَته السنة. ولا يقطع السارق حتى يسرق من حرز وما أشبه الحرز، وهو قول أهل المدينة: مالك وأصحابه. وقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم في مجن / قيمته ثلاثة دراهم، وهو قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعائشة رضي الله عنهم. وروي أن علياً قطع في ربع دينار: درهمان ونصف. وروي عن ابن مسعود أن القطع في دينار أو عشرة دراهم فصاعداً، لا فيما دون ذلك. وقال عطاء: لا تقطع يد السارق فيما دون عشرة دراهم. وقال النخعي: تقطع يد السارق في دينار أو في قيمته. وروي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أن اليد تقطع في أربعة [دراهم] فصاعداً، لا فيما دون ذلك. وقد أوجب قوم القطع على كل من سرق وإن قَلَّ ذلك، على ظاهر الكتاب.