قوله: { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً } الآية. قرأ الحسن: (أَعَجِزَتْ) بكسر الجيم، وهي لغة شاذة، إنما يقال: " عَجِزَت المَرْأةُ ": إذا كبِرت عجيزتها. ومعنى الآية: أن القاتل لم يدر ما يصنع به. قال ابن عباس: فمكث يحمل أخاه في خِوان على رقبته سنة، فبعث الله غرابين، فرآهما يبحثان. فقال: أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي؟. / وقيل: بعث الله غراباً حياً إلى غراب ميت، فجعل الحي يواري الميت فتعلم منه ابن آدم. وقيل: بعث الله غرابين أخوين فاقتتلا قدّامه، فقتل أحدهما الآخر، فأقبل القاتل يواري المقتول فتعلم ابن آدمَ القاتلُ منه، فوارى أخاه. وقال مجاهد: كان يحمله على عاتقه مائة سنة لا يدري ما يصنع به حتى رأى الغراب يدفن الغراب، فقال: { يَاوَيْلَتَا } أعجَزت أن { أَكُونَ } أفعل مثل ما فعل هذا؟. وهذا كله مَثَلٌ ضربه الله لابن آدم وحرصه في الدنيا. ومعنى { مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } أي: من النادمين على قتل أخيه. قال نافع: { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ } التمام، وخالفه في ذلك جماعة العلماء باللغة، وقالوا التمام { مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } ، لأن الذي كُتب على بني إسرائيل إنما كان من أجل قتل ابْْنَي آدم: أحدهما الآخر. وإذا وقف على { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ } ، صار إنما كُتب عليهم لغير علة، وليس التفسير على ذلك.