قوله: { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي } الآية. ومعنى إرادته لأن يبوأ أخوهُ بإثمه: أن المؤمن يريد الثواب ولا ينبسط إليه، فصار في كف يده - عمن يقتله - بمنزلة من يريده، فهو مجاز على هذا، وهو قول المبرد. وقيل: هو حقيقة، لأنه لمّا قال { لأَقْتُلَكَ } ، استوجب النار بما تقدم في علم الله عز وجل أنه سيفعل، فعلى المؤمن أن يريد ما أراد الله. وقال ابن كيسان: إنما وقعت الإدارة بعدما بسط يده بالقتل. وقيل: المعنى: بإثم قتلي إن قتلتني. وقيل: المعنى: إذا قتلتني أردت ذلك " لك " ، لأنه إرادة الله للقاتل. ومعنى { بِإِثْمِي } أي: بإثم قتلي، ومعنى { وَإِثْمِكَ } (أي وإثمك) الذي من أجله لم يُتقبّل منك، وهو قول مجاهد. وقيل: معناه: بإثم قتلي وإثم اعتدائك عليَّ، لأنه يأثم في الاعتداء وإنْ لم يقتل. وقيل: المعنى: { بِإِثْمِي } الذي كان يلحقني لو بسطتُ يدي إليك، وإثمك في تحمّلك قتلي. وعن ابن عباس: بإثم قتلي وإثم معاصيك المتقدمة لك. وقال إبراهيم بن عرفة: (أراده عن) غير محبة ولا شهوة، لأنّه لمّا لم يكن بُدٌّ من أن يكون قاتلاً أو مقتولاً، اختار - عن ضرورة وعن غير محبة لذلك - أن يُقتل، كما تقول للرجل - يحاول ظلمك -: " أريد أن أَفدي نفسي منك " وأنت لا تحب ذلك ولكن الضرورة ألجأتك إلى هذه الإرادة. (و) قوله: { وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } قيل: هو (من) قول المقتول. وقيل: هو إخبار من الله لنا. وهذا يدل على أن الله عز وجل قد كان أمر آدم ونهاه وولده " ووعدهم " وأوعدهم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما مِن نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمَاً إِلاّ على ابنِ آدَمَ الأولِ كِفلٌ منها، ذلك بأنه أوَلُ مَن سَنَّ القتل ". ومعنى { تَبُوءَ } أي: تحمل وتلزم وتنصرف به.