قوله { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ } الآية. قوله { أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا }: { أَن } في موضع نصب أي: [كَرَاهَةَ] أن تقولوا. وقال الفراء: المعنى: (لأن لا) تَقُولُوا. ومعنى الآية أنها مخاطبة لليهود الذين كانوا بين ظهرانيْ (مُهَاجَرِ النَّبِي) صلى الله عليه وسلم، وذلك أنهم لما دعاهم النبي إلى الإيمان به وبما جاءهم به، قالوا: ما بعث الله من نبي بعد موسى، ولا أنزل كتاباً بعد التوراة. (و) قال ابن عباس: قال معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب لليهود: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته، فأنكروا ما قالوا لهم، وقالوا: ما أنزل الله من كتاب بعد موسى ولا أرسل بشيراً ولا نذيراً بعده، فأنزل الله الآية. ومعنى { عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ }: على انقطاع من الرسل وسكون، وذلك أنه كانت الرسل بين موسى وعيسى متواترين. وقد اختلف في الفترة التي كانت بين محمد وعيسى عليه السلام: فقال قتادة: هي خمس مائة سنة وستون سنة. وقيل عنه: خمس مائة وأربعون، وقيل عنه: ست مائة وزيادة سنين. وقال الضحاك: هي أربع مائة سنة وبضع وثلاثون سنة. وقال ابن عباس: هي أربع مائة سنة فترة لا نَبِيَّ فيها، وكانت مائة سنة بعث الله فيها أربعة أنبياء، منهم ثلاثة رسل، وهم الذين ذكروا في " يس " ، فبين ميلاد عيسى وميلاد محمد خمس مائة سنة. وقيل: هو ما جاءهم به رسول الله من تخفيف ما كان الله شدد عليهم وتحليل ما كان حرم عليهم. ومعنى { أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } أي: أعذرنا إليكم برسول وكتاب كراهة أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير.