الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } * { يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

قوله { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً } الآية.

المعنى: أن الله عز وجل أعلم أهل الكتاب أنه أرسل إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم يبين لهم كثيراً مما أخفوا من الكتاب - وهو التوراة والإنجيل -، وكان ذلك من أدل ما يكون على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إذ أعلم الناس بما فعل أهل الكتاب، فمما بينه: رجم الزانيين المحصنين - وقد أخفوه وغيروه -، وقتل النفس بالنفس وغيره.

وقال [القرظي]: أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن - حين قدم المدينة - هاتان الآيتان وكانت اليهود بها يومئذ، ثم نزلت السورة كلها جملة (واحدة) عليه بعرفات.

ومعنى { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } أي: (و) يترك أخذكم بكثير مما كنتم تخفون من كتابكم، فلا يأمركم بالعمل به، إلا أن يأمره الله بذلك. وقيل: هو ما جاؤهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من تخفيف ما كان الله شدده عليهم وتحليل ما كان حرم عليهم.

قوله { قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } إلى { صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }.

والمعنى: يا أهل التوراة والإنجيل { قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم. هو نور لمن استنار به، { وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } هو القرآن.

[وقيل: النور: التوراة، والكتاب المبين: القرآن]. { يَهْدِي بِهِ } أي: بالكتاب، { مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ } أي: يهدي الله بالكتاب { سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ } من اتَّبع رضى الله عز وجل في قبول ما أتاه من ربه.

و [ { ٱلسَّلاَمِ } ] هنا: اسم الله جلت عظمته، أي: سبل الله.

وقيل [السلام] - هنا - السلامة، أي: طرق السلامة، والرضى من الله القبول للعبد. وقيل: هو خلاف السخط.

{ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ } أي: من الكفر { إِلَى ٱلنُّورِ } أي: إلى الإسلام، { بِإِذْنِهِ } أي: بأمره، أي: [بأمر] الله له بذلك.