الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

قوله: { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ } الآية.

معنى الآية: أن الله جل ذكره أمر نبيه صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالشكر على نعمه (إذ دفع) عنهم كيد اليهود عليهم اللعنة. وكان / سبب نزول هذه الآية أن النبي عليه السلام أمّن رجلين مشركين من بني كلاب وأعطاهما سهمين من سهامه أماناً لهما، فلقيهما عمرو بن أمية الضَّمْري وهو مقبل من بئر معونة فقتلهما ولم يعلم أن معهما أماناً من النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عمرو على النبي عليه السلام قال له: قَتَلْتَهُما (و) معهما أماني؟! قال: لم أعلم، فَوداهُما النبي عليه السلام ومضى إلى بني النضير من اليهود ومعه أبو بكر وعمر وعلي وعثمان رضي الله عنهم، يَسْتعينهم على دية الكلابِيَيْن اللّذَيْن قتلهما عمرو فلما قَرُبَ من مدينتهم، خرجوا إليه فتلقَّوه وقالوا: مرحباً بك يا أبا القاسم، ماذا جِئْتَ له؟، فقال: رجل من أصحابي أصاب رجلين من بني كلاب - معهما أمانٌ منّي - فقتلهما فَلَزِمَني دِيَتُهما، فأريد أن تُعينوني قالوا: نعم والحُبُّ لَك والكَرامةُ يا أبا القاسم، اقْعُد حتى نجمع لك، فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تحت الحصن، فلما خلا بنو النضير - بعضهم (إلى بعض) - قالوا: لن نجد محمداً أقربَ منه الآن، فَمَن رَجُلٌ يَظهَر على هذا الجدار فَيَطْرح عليه رحىً أو حجراً فيريحنا منه؟، فقال رجل منهم: أنا، وهو عمرو بن جحاش، فأتى جبريل النبي صلى الله عليهما فأعلمه الخبر، فقام وتبعه أصحابه، فأنزل الله جل ذكره { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } الآية، وفي ذلك نزلوَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ (إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ) } [المائدة: 13]، فعند ذلك بعث (إليْهم النبيُّ) محمد بن مَسْلَمَة الأُوسي، وأمره أن يأمرهم بالرحيل والخروج من جواره، فلما أتاهم محمد بن مسلمة، تلقوه وسلموا عليه، فقال [لهم]: إني أُرسِلْتُ إليكم برسالة، ولَسْتُ أَبَلِّغكُمُوها حتّى أَسْأَلَكُم عن شيء قلتموه لي قبل اليوم، قالوا: (سَلْنا عمّا بدا لَكَ)، فقال لهم محمد بن مسلمة: أليس قد أتَيْتُكم سَنَة كذا وكذا فقلتم لي: يا ابن مَسلمةٍ، إن (شِئت هَدَيْناك وإن شئت غدّيناك)، فقلت: والله ما لي حاجة بهداكم، فقَرَّبْتُم إليّ طعاماً في صَحْفة جَزْع - كأني انظر: إليها -، فلما فَرَغْتُ من [غذائي]، قلتم لي: ما الذي أرغبك عن التوراة؟، فقلت: ما لي بها حَاجة، فقلتم كأنك تريد الحنيفية؟، فقلت: إيهاً والله أريدها، فقلتم لي: أما إنَّ صاحبها قد [رهنك] خروجه، وأشرتم نحو مكةَ وقلتم لي: ذلك الضّحوك القتّال يركب البعير ويَلبَس الشملة و [يجتزئ] بالكسوة، سيفه على عاتقه، (لتكونن - على يديه - في هذه البلاد) ملاحم وملاحم وملاحم، قالوا: قد قلنا لك ذلك، ولكن ليس هو هذا.

السابقالتالي
2