الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } * { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } إلى آخر السورة الآيات.

أي: خلقناكم من آدم وحواء، يعني من ماء ذكر وماء أنثى.

قال مجاهد: خلق الله عز وجل الولد من ماء الرجل وماء المرأة.

ثم قال: { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ }.

أي: وجعلناكم متناسبين يناسب بعضكم بعضاً فيعرف بعضكم بعضاً، فيقال فلان ابن فلان من بني فلان فيعرف قرب نسبه من بعده فالأفخاذ أقرب [من القبائل والقبائل أقرب] من الشعوب.

قال مجاهد: شعوباً هو النسب البعيد، والقبائل دون ذلك.

وكذلك قال قتادة والضحاك.

قال ابن عباس: الشعوب الجماع، والقبائل البطون.

وقال ابن جبير: الشعوب الجمهور، والقبائل الأفخاذ.

وواحد الشعوب شعب بالفتح، والشعب عند أهل اللغة: الجمهور مثل مضر تقسمت وتفرقت، ثم يليه القبيلة لأنها يقابل بعضها بعضاً، ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ وهو أقربها.

وقيل: إن الشعوب الموالي، والقبائل العرب.

ثم قال: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ }.

أي: أفضلكم عند الله أتقاكم لارتكاب ما نهى الله سبحانه عنه، وأعمالكم لما أمر الله تعالى به ليس فضلكم بأنسابكم إنما الفضل لمن كثر تقاه.

قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سأل عن غير الناس فقال: " آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم وأتقاهم ".

قال أبو هريرة: ينادي مناد يوم القيامة إنا جعلنا نسباً وجعلتم نسباً إن أكرمكم عند الله أتقاكم ليقم المتقون، فلا يقوم إلا من كان كذلك.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أخير الناس من طال عمره وحسن عمله ".

وروي عن ابن عباس أنه قرأ: " لتعرفوا أن أكرمكم عند الله بفتح " أن " وتعرفوا على مقال تضربوا، على معنى جعلهم شعوباً وقبائل لكي يعرفوا أن أكرمهم عند الله أتقاهم، ومجاز هذه القراءة: جعلهم كذلك ليعرفوا أنسابهم؛ لأن أكرمهم عند الله أتقاهم؛ لأن: " تَعْرِفُوا " عملت في: " أن " لأنه لم يجعلهم شعوباً وقبائل ليعرفوا أن أكرمهم عند الله أتقاهم، إنما جعلهم كذلك ليعرفوا أنسابهم.

وكسر " أن " أولى وأتم في المعنى المقصود إليه بالآية.

ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.

أي: ذو علم، بأتقاكم عنده وأكرمكم، وذو خبر بكم وبمصالحكم.

ثم قال: { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا }.

أي: قالت جماعة الأعراب صدقنا بالله وبرسوله، قل لهم يا محمد لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا وخضعنا وتذللنا.

والإسلام في اللغة الخضوع والتذلل لأمر الله جل ذكره والتسليم له.

والإيمان: التصديق بكل ما جاء من عند الله.

وللإسلام موضع آخر وهو الاستسلام خوف القتل، قد يقع الإسلام بمعنى الإيمان وقد يكون بمعنى الاستسلام.

السابقالتالي
2 3