الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ } إلى قوله: { بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } الآية.

روى سفيان عن الأعمش عن خيثمة قال: هل تقرؤون { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } إِلا وهي في التوراة " يا أيها المساكين ". فالمعنى: يا أيها الذين صدقوا محمداً صلى الله عليه وسلم لا تعجلوا بقضاء أمركم في دينكم قبل أن يقضي الله عز وجل ورسوله لكم فيه.

حكي عن العرب: فلان تقدم بين يدي إمامه؛ أي: تعجل الأمر والنهي دونه.

قال ابن عباس معناه: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.

وعنه أنه قال: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه.

وقال مجاهد معناه: لا تفتاتوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء حتى يقضيه الله عز وجل على لسان رسوله.

وقال قتادة: كان أناس يقولون لو نزل في كذا، أو صنع كذا وكذا، فكره الله عز وجل ذلك.

وقال الحسن: ذبح أناس من المسلمين قبل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا ذبحاً آخر لتقدمهم.

ففي هذا دليل أنه لا يجوز أن يؤدى فرض قبل وقته.

قال الضحاك: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله: يعني بذلك في القتال، وما كان من أمر دينهم، لا يصلح لهم أن يتقدموا في أمر حتى يأمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن أبي مليكة: أن الآية نزلت في رأي، أشار به عمر على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن النبي / صلى الله عليه وسلم أراد أن يستخلف على المدينة رجلاً إذ مضى إلى خيبر، فأشار عليه عمر برجل آخر.

وقيل: نزلت في سبب كلام دار بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وذلك أن (وفداً من بني تميم) قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس، فقال له أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، فقال له عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزلت هذه الآية في ذلك.

ثم قال: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [أي: يسمع قولكم ويعلم فعلكم فاتقوه وخافوه].