الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } * { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ }

قوله:

{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } إلى قوله: { فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ }.

الذين جحدوا بآيات الله ورسوله وعبدوا غيره، وصدوا من أراد أن يؤمن برسوله عن الإيمان، أضلّ أعمالهم، أي: أتلفها وأبطلها وأحبطها فلا ينتفعون بها في أخراهم. وهي ما كان من صدقاتهم وصلتهم الرحم.

ونحوه من أبواب البر أحبطها الله؛ لأنها كانت على غير استقامة لم يرد بها وجه الله.

قال ابن عباس [هم] أهل مكة.

وقوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ }.

يريد به الأنصار، فالآيتان عنده مخصوصتان، وغيره يقول إنهما عامتان. ويجوز أن [تكونا مخصوصتين] في وقت النزول ثم هما عامتان بعد ذلك لكل من فعل فعلهما.

وأصل الصد: المنع، يقال: صد في نفسه وصد غيره، وحكي أصد غيره، والمصدر في نفسه الصدود، وصد غيره صداً قال الله جل ذكرهيَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } [النساء: 61] فهذا غير متعد والمعنى: والذين صدقوا محمداً وما جاء به وعملوا بطاعة الله واتبعوا كتابه.

{ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي: غطاها وسترها، فلا يؤاخذهم بها في الآخرة، فشتان ما بين الفريقين قوم أخذوا بسيئاتهم وأبطلت حسناتهم، وقوم غفرت سيئاتهم وتقبلت حسناتهم.

وقوله: { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ }.

قال ابن عباس: بالهم: أمرهم.

وقال مجاهد: شأنهم.

وقال قتادة وابن زيد: حالهم.

والبال كالمصدر، ولا يعرف منه فعل، ولا تكاد العرب تجمعه إلا في ضرورة شعر فيقولون: بالات.

وقال المبرد: قد يكون للبال موضع آخر يكون فيه بمعنى القلب.

(وقال النقاش: وأصلح بالهم: نياتهم)، يقال: ما يخطر هذا على بالي؛ أي: على قلبي، والمعنى عند الطبري: وأصلح شأنهم وحالهم في الدنيا عند أوليائه في الآخرة بأن أورثهم نعيم الأبد والخلود في جناته، والآية نزلت في أهل المدينة، ثم هي عامة فيمن كان مثلهم.

ثم قال: { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ } أي: الأمر ذلك، وقيل المعنى: ذلك الضلال والهدى المتقدم ذكرهما، من أجل أن الذين كفروا اتبعوا الباطل، وهو الشيطان وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق الذي جاءهم من عند ربهم، وهو كتاب الله ورسوله.

والتقدير عند الطبري: هذا الذي فعلنا بهذين الفريقين من إضلال أعمال الكفار وإبطالها والتكفير لسيئات الذين آمنوا، جزاء منا لكل فريق على فعله، لأن الكفار اتبعوا الشيطان وأطاعوه والمؤمنون اتبعوا كتاب الله وصدقوا رسوله.

قال مجاهد: الباطل هنا: الشيطان.

ثم قال: { كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } أي: كما / بيّنت لكم أيها الناس سبب تفريقي بين الفريقين، كذلك أمثل لكم الآيات وأشبه لكم الأشباه.

قال الزجاج: معناه كذلك يبيّن الله للناس أمثال المؤمنين وسيئات الكفار كالبيان الذي ذكر.

ومعنى قول القائل: " ضربت له مثلاً: بينت له ضرباً من الأمثال " ، أي: صنفاً منها.

السابقالتالي
2 3