الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } * { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } * { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ }

قوله: { سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } إلى قوله: { فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } الآيات.

من قرأ قَتلوا أو قُتلوا على ما لم يسم فاعله، فالمعنى سيهديهم إلى جنته ويصلح شأنهم فيها بالنعيم المقيم وغفران الذنوب ويدخلهم إياها، ويجوز أن يكون المعنى: سيهدي من بقي منهم حيّاً كما قال:قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ } [آل عمران: 146] أي: فما وهن من بقي منهم، ومن قرأ " قاتلوا " فالمعنى: سيوفقهم في الدنيا إلى الرشد والعمل الصالح ويصلح فيها حالهم حتى يتوفاهم على ما يرضاه منهم ويدخلهم الجنة في الآخرة.

{ عَرَّفَهَا لَهُمْ } أي: زينها لهم، قال أبو سعيد الخدري: إذا نجّى الله المؤمنين من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فاقتص بعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ثم يؤذن لهم بالدخول إلى الجنة، قال: فما كان المؤمن بأدل بمنزله [في الدنيا منه بمنزله] في الجنة حتى يدخلها.

قال مجاهد: يهتدي أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم منها لا يخطئون كأنهم سكانها منذ خلقوا لا يستدلون عليها بأحد.

قال ابن زيد: بلغنا عن غير واحد أنه يدخل أهل الجنة وهم أعرف بمنازلهم فيها من منازلهم في الدنيا التي يختلفون إليها في عمر الدنيا، فذلك قوله: { عَرَّفَهَا لَهُمْ }.

قال / سلمة بن كهيل معناه: عَرَّفهم طرقها.

وقيل معناه: طَيَّبَها لهم، يقال طعام مُعَرَّفٌ: أي: مطيب.

وقيل معناه: رفعها لهم، مأخوذ من عُرْف الدابة.

وقيل معناه: عرَّف المكلفين من عباده أنها لهم.

ثم قال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }.

أي: إن تنصروا دين الله أو أولياء الله أو رسول الله ينصركم على عدوكم ويثبت أقدامكم، إذا لقيتم عدوكم فلا تفروا منه لكثرة عددهم وقلة عددكم.

وقيل معناه: ويثبت أقدامكم في موقف الحساب بأن يجعل الحجة لكم.

ثم قال: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ }

قال ثعلب: التعس: الشر، قال: وقيل هو البعد. قال: والنكس: قلب أمره وفساده.

قال ابن السكيت: التعس أن يخر على وجهه، والنكس على رأسه قال: والتعس أيضاً الهلاك.

قال الزجاج التعس في اللغة: الانحطاط والعثور.

قال ابن زيد: فتعساً لهم: فشقاء لهم. ودخلت الفاء في " فتعساً لهم " لأن " " الذين " فيه إبهام أشبه به الشرط، فدخلته الفاء في خبر " هم " كما تدخل في جواب الشرط، وجواب الشرط هو " أن " لخبر الابتداء في أكثر أحكامه.

وقوله: { وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ }.

أي: أبطلها وأتلفها، والمعنى: أن هؤلاء القوم ممن يجب أن يقال لهم أتعسهم الله، أي: أخزاهم الله، وهذا مما يدعى به على العاثر.

وقوله: { وَأَضَلَّ } أتى على الخبر حملاً على لفظ { ٱلَّذِينَ } لأنه خبر في اللفظ فدخلت الفاء حملاً على المعنى، وأتى { وَأَضَلَّ } حملاً على اللفظ، وهذا يسميه بعض أهل المعاني الإمكان: [أي] يمكن هذا فيه (ويمكن هذا فيه).

السابقالتالي
2 3 4