الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله: { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً [أُنزِلَ] } إلى آخر السورة.

أي: قالت الجن الذين استمعوا القرآن لقومهم إذ رجعوا إليهم يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه، أي: مصدقاً للتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله يهدي إلى الحق؛ أي يرشد مستمعه وقابله إلى الحق وإلى طريق مستقيم لا اعوجاج فيه وهو الإسلام.

قال قتادة: ما أسرع ما عقل القوم، ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نينوى.

ثم قال حكاية عن قول / الجن لقومهم { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ }.

أي: أجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما يدعو إليه من طاعة الله وآمنوا به. { وَآمِنُواْ بِهِ } أي: وبرسوله، وهو الداعي، فالهاء في " به " تعود على الداعي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضوهم على الإيمان برسول الله وطاعته ووعدهم بالمغفرة على ذلك.

فقالوا: { أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } أي: يسترها عليكم في الآخرة.

{ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أي: وينقذكم يوم القيامة من عذاب مؤلم إن أجبتموه وآمنتم به.

ثم قال / عنهم: { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ }.

يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم، أي: قالوا لقومهم من لا يجب محمداً ولا يؤمن به { فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ } أي: ليس بمعجز ربه بهربه في الأرض إن أراد عقوبته؛ لأنه حيث كان في قبضة ربه وسلطانه.

{ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ } أي: ليس لمن لا يجب داعي الله من دون الله أولياء ينقذونه من عذابه.

{ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي: أولئك الذين لا يجيبون داعي الله ولا يؤمنون به في جور ظاهر عن قصد الحق وإصابة الصواب.

ثم قال: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ [عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ] }.

أي: أوَلم يعلم قومك يا محمد أن الله الذي خلق السماوات والأرض وابتدعهما على غير مثال، قادر على أن يحيي الموتى فيردهم أحياء كما كانوا، فخلق السماوات والأرض وإيجادهما على غير مثال أعظم في القدرة من إعادة شيء قد كان له مثال على لطافة خلقه.

{ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي: بلى يقدر على ذلك، إنه على كل شيء يريد قادر، لا يمتنع عليه شيء أراده.

وقرأ الأعرج وابن أبي إسحاق والجحدري: يقدر على أن يحيي الموتى.

وقرأ ابن مسعود " قادر " بغير باء.

واختار بعض النحويين " يقدر " على " بقادر "؛ لأن الباء إنما تدخل في النفي، وهذا إيجاب.

وروى ذلك عن أبي عمر والكسائي، والباء " إنما دخلت عند النحويين لدخول لم " في أول الكلام.

السابقالتالي
2 3