الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } * { وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قوله: { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ } إلى قوله: { نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ }.

هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه عند بعض العلماء، ورد ذلك بعضهم قال: هذا يبطله قوله: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } ، فقد حقت / عليه وعلى أمثاله كلمة العذاب بهذه الآية، وأن عبد الرحمن من أفاضيل المؤمنين.

وقال ابن عباس: نزلت في ابن لأبي بكر الصديق قال له: أتعدني أن أبعث بعد الموت، منكراً لذلك، ولم يذكر اسمه.

وروي أن معاوية لما كتب إلى مروان أن يبايع الناس ليزيد قال عبد الرحمن ابن أبي بكر: جئتم بها هرقلية (فقال له مروان: يا أيها الناس) إن هذا الذي قال الله فيه: { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ } الآية، فغضبت عائشة لما بلغها ذلك وقالت: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه - تعني الحكم - طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتقدير في الآية، والذي قال لوالديه إذ دعواه إلى الإيمان بالله والإقرار بالبعث بعد الموت أف لكما، أي: قَذَراً لكما أتعدانني أن أخرج من قبري بعد الموت.

وقرأ الحسن: أن أخرج، جعل الفعل له.

قال قتادة: هذا عبد سوء عاق لوالديه فاجر.

وقوله: { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي }.

أي: أتعدانني في أن أبعث بعد الموت وقد مضت قبلي القرون فهلكت، ولم يبعث أحد منهم بعد موته، فكيف أبعث أنا ولم يبعث أحد ممن هلك قبلي، فتوهم المخذول أن لما لم يبعث من مات قبله، لا يبعث هو، ولم يدر أن للجميع أجلاً ووقتاً يبعثون فيه.

ثم قال: { وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ }.

أي: ووالداه يصرخان الله عليه، ويقولان له ويلك آمن بالله وبالبعث، وصدّق بوعد الله ووعيده، إن وعد الله حق، إنه يبعث الموتى ليجازيهم على أعمالهم، فيقول لهما مكذباً لقولهما: ما هذا إلا أساطير؛ أي: ما تقولان لي إلا أخباراً / من أخبار الأولين باطلة.

{ يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ } تَمَامٌ عند نافع، وَيْلَكَ آمِنِ التمام عند يعقوب وغيره " وَحَقٌ " ، هو التمامُ عند غيرهما؛ لأنه من تمام القول الذي قالا له وهو الصواب إن شاء الله ".

ثم قال: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ }.

أي: وجبت عليهم كلمة العذاب في الآخرة مثل ما وجبت للأمم المتقدمة المنكرة للبعث، الضالة عن الهدى من الجن والإنس كفعل هذا الذي تقدم ذكره.

{ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ }.

أي: مغبونين ببيعهم الهدى بالضلالة، والجنة بالنار.

وهذه الآية تدل على موت الجن كما يموت الإنس أمة بعد أمة، لأنه قال: { فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } ، وهي تدل على مجازاة الجن كما يجازي الإنس، ودخول الجن النار والجنة كما يدخلها الإنس، وليس المراد بقوله: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } عبد الرحمن الذي نزلت فيه الآية، وإنما المعنى، من عمل مثل هذا الذي ذكر عنه، إنكاراً للبعث فهو الذي حق عليه العذاب، فأول الكلام خاص، وآخره عام.

السابقالتالي
2 3 4