الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } * { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }

قوله: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } إلى قوله: { ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ }.

من جعل الشاهد عبد الله بن سلام أو غيره من مؤمني بني إسرائيل، كان المعنى عنده: وقال الذين كفروا من بني إسرائيل للذين آمنوا بمحمد عليه السلام منهم: لو كان إيمان هؤلاء بمحمد صلى الله عليه وسلم خيراً ما سبقونا إلى ذلك.

ومن جعل الشاهد في هذه الآية موسى صلى الله عليه وسلم كان المعنى عنده: وقال مشركو قريش لمن آمن منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم: لو كان الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم خيراً ما سبقنا هؤلاء إليه، وهذا التأويل قول قتادة.

قال: ذلك ناس من المشركين، قالوا: نحن أعز به ونحن ونحن، فلو كان الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم خيراً ما سبقنا إليه فلان وفلان يعنون عماراً وبلالاً وصهيباً وأصنافهم، فأنزل الله جل ذكره:يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } [البقرة: 104].

قال الحسن: أسلم " أسلم " " وغفار " فقالت قريش: لو كان خيراً ما سبقونا إليه.

وقال الزجاج: أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار، فقال بنو عامر وغطفان وأشجع وأسد: لو كان ما دخل فيه هؤلاء من الدين خيراً ما سبقونا إليه، إذ نحن أعز منهم وإنما هؤلاء رعاة البهم.

وفي قوله: { سَبَقُونَآ } خروج من خطاب إلى غيبة، ولو جرى على صدر الكلام في الخطاب لقال: ما سبقتمونا، ولكنه كلام فصيح حسن كثير في كلام العرب والقرآن، ويجوز أن يكون قال: { مَّا سَبَقُونَآ } على أن يكون قاله الكفار لبعض المؤمنين، فيكون على بابه لم يخرج من شيء إلى شيء، فقيل: إنه قول وقع في أنفسهم ولم يقولوه ظاهراً بأفواههم.

وقوله: { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ }.

أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به { فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ }.

أي: هذا القرآن أكاذيب من أخبار الأولين قديمة.

ثم قال: { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً }.

أي: ومن قبل هذا القرآن كتاب موسى أنزلناه عليه، " فالهاء " تعود على القرآن المتقدم ذكره في قوله:إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ } [الأحقاف: 9] وهو التوراة إماماً لبني إسرائيل يأتمون به، ورحمة لهم.

ثم قال: { وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ } يعني: القرآن مصدق للتوراة.

وقيل: مصدق لمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به.

وقوله: { لِّسَاناً عَرَبِيّاً } نصبه على الحال من المضمر في { مُّصَدِّقٌ }.

وقيل: هو حال من { كِتَابٌ } لأنه لما نعت قرب من المعرفة فحسنت الحال منه.

وقيل: هو منصوب " بمصدق " ، وفيه بعد؛ لأنه يصير المعنى أن القرآن يصدق نفسه، فيصير التقدير: وهذا القرآن مصدق نفسه؛ لأن اللسان العربي هنا هو القرآن، وهذا المعنى ناقص إذا تأملته.

السابقالتالي
2 3 4 5