قال تعالى: { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ } - إلى آخر السورة أي: إن شجرة الزقوم التي أخبر تعالى أنها تنبت في أصل الجحيم هي طعام الكافر في جهنم، والأثيم: الآثم وهو في هذا أبو جهل ومن كان مثله. ولما نزلت هذه الآية دعا أبو جهل بزبد وتمر ودعا أصحابه (فقال: تَعَالَوْا، تَزَقَّمُوا)، فهذا الذي يَعِدُنَا به محمد أنه طعامنا في الجحيم. وذكر ابن هشام أن أبا جهل لما سمع قول الله جل ذكره { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } قال: يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم) التي يخوفكم بها محمد؟، قالوا: لا. قال: هي عَجْوَةُ يَثْرِب بِالزَّبد. والعجوة صنف من التمر طيب. ورُوي أن أبا الدرداء كان يُقْرِئُ رَجُلاً { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } فكان الرجل يقول: طعام اليتيم. فلما أكثر عليه أبو الدرداء ولم يفهم الرجل، قال له: إن شجرة الزقوم طعام) الفاجر. فهذه قراءة على التفسير لا يحسن أن يُقْرَأَ بها. وقال ابن عباس: " لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت على الدنيا لأفسدت على الناس معائشهم ". وقال ابن زيد: الأثيم هنا: أبو جهل. قال: { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } ، أي: شجرة الزقوم - التي جعلنا ثمرها طعام الكافر في جهنم - كالرصاص أو الفضة المذابة إذا ما تناهت حرارتها. وقال ابن عباس: " كالمهل: كُدْردِيِّ الزيت ". (وروي عنه أنه رأى فضة قد أذيبت فقال: هذا المُهْلُ وروى) الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كَالمُهَلِ: كَعَكِرِ الزَّيْتِ، إِذَا قرب إلى وَجْهِ الكَافِرِ سَقَطَتْ (فَرْوَةُ) وَجْهِهِ فِيهِ " وقيل: " المهل " عكر القطران. وقيل: هو الصديد من الحميم. وقوله: { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } ، أي: (يغلي) ذلك في بطون الكفار كغلي الماء المحموم، وهو الذي قد أوقد عليه حتى تناهت شدة حره، والحميم بمعنى: (محموم، كقتيل) بمعنى: مقتول. ثم قال تعالى: { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ }: يعني الأثيم، وهو الكافر، يقال للملائكة: خذوا الكافر فاعتلوه، أي: (فادفعوه وسوقوه) على عنف. يقال عتله: إذا ساقه بالدفع والجذب. وقوله: { إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } ، أي: إلى وسطها، أي: ادفعوه إلى وسط النار. ثم قال: { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } ، أي: صبوا على رأس هذا الأثيم - وهو الكافر - من عذاب الجحيم. ثم قال: { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } ، أي: يقال له ذق هذا العذاب إنك أنت كنت العزيز في قومك. قال قتادة: " نزلت هذه الآية في أبي جهل عدو الله لقي النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فَهَزَّهُ، ثم قال: " أَوْلَى لَكَ يَا أَبَا جَهْلٍ، ثُمَّ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى " فقال أبو جهلٍ أيوعدني محمد، لأنا أعز من يمشي بين جبليها. فنزلت { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } أي: المدعي ذلك "