الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } * { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } * { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { وَقِيلِهِ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } * { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ } ، إلى آخر السورة، أي: إن الذين اكتسبوا الكفر في الدنيا يوم القيامة في عذاب جهنم ماكثون أبداً، لا يخفف عنهم العذاب.

وهم في العذاب مبلسون، قال قتادة: مستسلمون.

وقال السدي: " مُبلسون: متغير حالهم ".

وقال الزجاج: " المبلس: الساكت، الممسك إمساك يائس من فرجٍ ".

وقال الطبري: المبلس: اليأس من النجاة.

وقال النحاس: المبلس: المتحير الذي قد يئس من الخير.

ثم قال تعالى: { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } ، أي لم نظلمهم في عذابنا لهم (ولكن هم) ظلموا أنفسهم بكفرهم في الدنيا.

ثم قال تعالى: { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } أي: ونادى المجرمون بعد دخولهم جهنم مالك خازن جهنم فقالوا: يا مالك لِيُمِتْنَا رَبُّكَ فيفرغ من إماتتنا.

روي أن مالك لا يجيبهم في وقت دعائهم، ويدعهم ألف عام ثم يجيبهم فيقول: { إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } قاله ابن عباس.

وقال ابن عمر: إن أهل جهنم يدعون مالكاً أربعين عاماً فلا يجيبهم ثم يقول: { إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } ، ثم ينادون ربهم:رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } [المؤمنون: 107] فيدعوهم مثل الدنيا ثم يرد عليهمٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108] فما نفس القوم بعد ذلك بكلمة، إن كان إلا الزفير والشهيق في نار جهنم.

وقال نوف البكالي يتركهم مالك مائة سنة مما تعدون (ثم يناديهم) فيستجيبون له، فيقول: { إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ }.

وقال السدي: يمكثون ألف سنة مما تعدون، ثم يجيبهم بعد ألف عام، إنكم ماكثون.

قال ابن زيد وغيره: ليقض علينا ربك: ليمتنا. القضاء هنا الموت.

ثم قال: { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ } ، أي: لقد جاءتكم الرسل من عند ربكم.

{ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } ، أي أكثرهم لا يقبل الحق فهذا الذي أنتم فيه جزاء فعلكم.

ثم قال: { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } ، (أي: أم أبرم) هؤلاء المشركون من قريش أمراً يكبدون به الحق فإنا مبرمون. أي: نخزيهم ونذلهم ونظفرك يا محمد بهم.

قال مجاهد: معناه إن كادوا بشرٍّ كدناهم مثله.

وقال قتادة: معناه: (أم أجمعوا) أمراً فإنا مجمعون ".

وقال ابن زيد معناه: (أم أحكموا) أمرهم فإنا محكمون لأمرنا.

وقال الفراء معناه: أم أحكموا أمرا ينجيهم من عذابنا على قولهم فإنا نعذبهم.

يقال: أبرم الأمر إذا بالغ في إحكامه. وأبرم الفاتل إذا أدغم، وهو الفتل الثاني والأول يقال له سحيل كما قال زهير:
... مِنْ سَحِيلٍ وَمُبْرَمِ   
ثم قال تعالى: { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ } ، أي: نسمع ذلك ونعلم ما أخفوا وما أعلنوا.

ثم قال: { وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } ، أي والحَفَظَةُ عندهم يكتبون ما نطقوا به.

ويروى " أن هذه الآية نزلت في ثلاثة نفر تدارءوا في سماع الله عز وجل كلام عبادة ".

السابقالتالي
2 3 4