الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ } * { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ }

قوله تعالى: { حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } إلى قوله { وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ } قد تقدم ذكر حم.

وقوله: { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ }: قسم، أي: المبين لمن تديره وفكر في عبره وعظاته.

ثم قال تعالى: { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } ، أي: أنزلناه بلسان العرب إذ كنتم أيها المنذرون به من العرب.

" وجعلناه " هنا، يتعدى إلى مفعولين، " فالهاء " الأول، " وقرآنا " الثاني.

وهذا مما يدل على نقض قول أهل البدع: إنه بمعنى خلقنا. إذ لو كان بمعنى خلقنا؟ لم يتعد إلا إلى مفعول واحد.

ومثله قوله تعالى:ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ } [الحجر: 91]، فلو كان بمعنى " خلق " لصار المعنى أنهم خلقوا القرآن، وهذا محال.

ولم يُلْقِهِم في هذا الخطأ العظيم، والجهل الظاهر إلا قلّة علمهم بتصاريف اللغات وضعفهم في معرفة الإعراب.

وقوله: { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ، معناه: أنزلنا القرآن بلسانكم لتعقلوا معانيه ومواعظَه، ولم ننزله بلسان العجم فتقولوا نحن عَرَبٌ، وهذا كلام لا نفقه معانيَه.

قال قتادة: " والكتاب المبين: مبين - والله - بركته وهداه ورشده ". وقيل: المبين، أي: أبان الهدى من الضلالة، والحق من الباطل.

ثم قال تعالى: { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } ، أي: وإن القرآن في أم الكتاب، يعني: اللوح المحفوظ: وأم الكتاب: أصله.

فالقرآن مثبت عند الله جل وعز في اللوح المحفوظ، ومن اللوح المحفوظ نُسِخَ.

وقوله: { لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } ، أي: عندنا لذو علو ورفعة وقيل معنى " عَلِيٌّ ": قاهر لا يقدر أحد أن يدفعه ويبطله، معجز لا يؤتى بمثله، حكيم أحكمت آياته ثم فصلت، فهو ذو حكمة.

وقيل: حكيم، أي: محكم في أحكامه ووصفه.

قال ابن عباس: " أو لما خلق الله عز وجل القلم: أمره أن يكتب ما يريد أن يخلق. قال: فالكتاب عنده.

روى مالك عن (عمران عن) عكرمة أنه قال " أم الكتاب القرآن ".

ثم قال تعالى: { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ صَفْحاً } " صفحاً " مصدر، كأنه قال: أفنصفح عنكم صفحاً.

وقيل: هو مصدر في موضع الحال، كأنه قال: أفنضرب عنكم الذكر صافحين. كما تقول: جاء زيد مشياً، أي: ماشياً.

ويجوز أن يكون صفحا بمعنى: ذو صفح، كما تقول: رجل عدل (ورضى أي: عادل وراضٍ)، وذو عدل وذو رضى. يقال: أضربت عنك بمعنى: أعرضت عنك وتركتك.

والمعنى: أفنعرض عنكم أيها الناس ونترككم سدى لا نذكركم بعقابنا من أجل أنكم قوم مشركون.

قال مجاهد: معناه، أفتكذبون بالقرآن ولا تعاقبون.

وقال السدي: معناه: " أفنضرب عنكم العذاب ".

وقال ابن عباس: معناه: " أحسبتم أن نصفح عنكم ولما تفعلوا ما أمرتم به ".

السابقالتالي
2 3