الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِيۤ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ }

قوله تعالى: { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } - إلى قوله -: { مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } ، أي: ولا يمنعكم الشيطان من اتباع الحق.

{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي: ظاهر العداوة.

ثم قال تعالى: { وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } ، أي: ولما جاء عيسى) بني إسرائيل بالآيات الواضحات. يعني: المعجزات.

وقيل: بالبينات: بالإنجيل: قاله قتادة، قال لهم قد جئتكم بالحكمة.

قال السدي: الحكمة ها هنا النبوءة.

وقيل: الحكمة: الإنجيل.

ثم قال: { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ }.

قال أبو عبيدة: " بعض " بمعنى: " كل " وَرَدَّ ذلك أكثر العلماء لأن فيه التباسَ المعاني وفسادَ الأصول ونقضَ العربية.

والمعنى عند الزجاج: ولأبين لكم في الإنجيل بعض الذي تختلفون فيه. (فبين لهم) من غير الإنجيل ما احتاجوا إليه.

وقيل معناه: إنه يبين لهم بعض الذي اختلفوا فيه من أحكام التوراة على مقدار ما سألوه عنه، ويجوز أن يختلفوا في أشياء غير ذلك لم يسألوه عن بيانها.

قال مجاهد معناه: ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه من تبديل التوراة.

وقيل المعنى: إن بني إسرائيل اختلفوا بعد موسى في أشياء من أمر دينهم، وأشياء من أمر دنياهم، فبين لهم عيسى بعض ما اختلفوا فيه وهو أمر دينهم خاصة، فلذلك قال: { بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ }.

ثم قال: { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } ، أي: فاتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، وأطيعون فيما أقول لكم.

{ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } ، أي: إن الذي يستوجب الإفراد بالعبادة هو الله.

{ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } ، أي: هذا الذي أمرتكم به هو الطريق المقوم الذي لا يوصل إلى رضى الله إلا باتباعه.

ثم قال تعالى: { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ }.

قال قتادة: الأحزاب هنا، هم الأربعة الذين أخرجهم بنو إسرائيل يقولون في عيسى.

ذكر ابن حبيب أن النصارى افترقت في عيسى بعد رفعه على ثلاث فرق:

فرقة قالت: هو الله، هم اليعقوبية قال الله عنهم:لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَآلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } [المائدة: 17].

وفرقة ثانية قالت: هو ابن الله، وهم النسطورية. وهم الذين قال الله فيهم:وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } [التوبة: 30].

وفرقة ثالثة قالت: هم ثلاثة: الله إله، وعيسى إله، وأمه إله وهم الملكانية. وهم الذي قال الله فيهم:لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [المائدة: 73].

فالنصارى فيه إلى اليوم على هذه الثلاث فرق. وكانوا فيه - إذ كان بين أظهرهم - على فرقتين: فرقة آمنت به، وفرقة كفرت به - وهم الأكثر - ثم لما رفع اختلفوا / فيه على هذه الأقوال الثلاثة.

وقال السدي: " الأحزاب: اليهود والنصارى ".

ومعنى من بينهم، أي: من بين من دعاهم عيسى إلى ما دعاهم إليه من اتقاء الله والعمل بطاعته.

السابقالتالي
2 3