الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ } * { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } * { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }

قوله تعالى: { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } - إلى قوله -: { صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أي: فلما أغضبونا حلت بهم العقوبة فأغرقوا في البحر / أجمعين.

قال مجاهد وقتادة والسدي وابن زيد: آسفونا: أغضبونا.

وعن ابن عباس: " آسفونا: أسخطونا ". وعنه: أغضبونا.

ثم قال تعالى: { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ }. السَّلَف، جمع سَالِف، كخَادِم وَخَدَم، وتَابع وَتَبَع، وَغَائِب وغيب. والعرب تقول: هؤلاء سلفنا.

وقرأ الكسائي وحمزة: " سُلُفًا " بضمتين وهو جمع سليف حكاه الفراء.

وقرأ حميد الأعرج: " سُلَفاً " بضم السين وفتح اللام، وجمع سلفة، والسلفة: الفرقة المتقدمة.

والمعنى: فجعلنا هؤلاء الذين أغرقنا مقدمة يتقدمون إلى النار كما سنفعل بكفار قومك يا محمد.

وقيل: المعنى: فجعلنا قوم فرعون سلفا لكفار قومك يا محمد يتقدمونهم إلى النار: قاله مجاهد.

وقوله: { وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ } ، أي: عبرة وعظة لمن يأتي بعدهم.

ثم قال تعالى: { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } ، أي: ولما شبه الله عز وجل عيسى في إحداثه إياه من غير فحل بآدم إذا قومك يا محمد منه يضحكون ويقولون: ما يريد محمد منا إلا أن نتخذه إلها كما اتخذت النصارى المسيح، قاله مجاهد.

" وقال ابن عباس لما قال الله عز وجل لقريش: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } ، قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم فما ابن مريم؟ فقال: ذلك عبد الله ورسوله: فقالوا: والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه رباً كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم رباً. فقال الله: { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } ".

وقيل: إن الآية نزلت في ابن الزبعرى، وذلك أنه لما أنزل الله جل ذكرهإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [الأنبياء: 98]. قال فالنصارى تعبد المسيح. فقال الله: { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً } أي: قد علموا أنه لا يراد بالآية عيسى، وإنما يراد بها الأصنام.

قال الكسائي والفراء: " يصدون " (بالضم والكسر) لغتان، بمعنى يعرضون. وقال قطرب هما لغتان بمعنى يضحكون.

وقال أبو عبيد: " يَصِدُّون " بالكسر: يضجون، وبالضم يعرضون، وهو قول يونس وعيسى الثقفي.

والاختيار في القراءة عند أبي عبيد بالكسر على معنى يضجون لأنها لو كانت بالضم على معنى يعرضون لكان اللفظ: إذا قومك عنه يَصُدُّون.

ثم قال تعالى: { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ } ، أي: وقال مشركو قومك يا محمد: أآلهتنا خير أم محمد، فنعبد محمداً ونترك آلهتنا.

وفي حرف أُبي: " ءالهتنا خير أم هذا " ، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم.

وقال السدي معناه: أآلهتنا خير أم عيسى قال: وذلك أنهم خاصموه فقالوا: أتزعم أن كل من عبد من دون الله في النار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى ابن مريم وعزير والملائكة، هؤلاء قد عُبدوا من دون الله.

السابقالتالي
2 3