الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } * { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ } * { وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } * { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَنَا قَالَ يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ }

قوله تعالى: { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } - إلى قوله - { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } ، أي: ولولا أن يكون الناس كلهم (كفاراً) لجعل الله لبيوت من يكفر سقفاً من فضة، ولكن لم يفعل ذلك ليكون في الخلق مؤمنون وكافرون على ما تقدم في علم الله عز وجل وتقديره فيهم.

وقيل: المعنى: لولا أن يميل الناس كلهم إلى طلب الدنيا ورفض الآخرة لجعل الله لبيت الكافر سقفا من فضة، ومن وحد السقف فعلى إرادة الجمع.

يدل الواحد على الجمع كما نقول: زيد كثير (الدرهم والدينار) وكثير الشاة والبعير. فيرد الواحد على الجنس كله.

وقيل: المعنى عند من وحد: لجعلنا لبيت كل من كفر بالرحمن سقفاً. فوحد على المعنى.

وقيل: المعنى: لولا ما قدرنا من اختلاف الأرزاق في الناس فيكون في المؤمنين غني وفقير، وفي الكافرين مثل ذلك لجعلنا من يكفر بالرحمن أغنياء كلهم.

ففي هذا الفعل تنبيه على تحقير الدنيا وتصغير ما فيها.

ومن قرأ بالجمع فإنه حمل على اللفظ، فجمع السقف لجمع البيوت، وجمع السرر والأبواب، وهو جمع سقيفة، كقطيفة وقُطُف.

وقيل: هو جمع الجمع، كأنه جمع " سقْفاً " على " سُقُوف ". كفَلْس وفُلُوس. ثم جمع سقوفاً على سُقُف كحمار وحُمُر.

وقال أبو عبيدة: (سُقُف جمع كرُهُن ورَهْن، ورُهُن عند أكثر النحويين إنما هو جمع رِهَان، ورهان جمع رَهْن فرُهُن أيضاً، جمعُ جمعٍ.

وجعل الله السقوف للبيوت كما جعل الأبواب للبيوت.

فهو يدل على أن السقف لاَ حَقَّ لِرَبِّ العلو فيه، وهو قول مالك وأصحابه.

وتحقيق المعنى في الآية أن الله جل ذكره أراد تهوين أمر الدنيا وأنها لا قيمة لها، فقال: لولا أن يميل الناس كلهم إلى الدنيا ويتركوا الآخرة لأعطينا الكافر من الدنيا أفضل مراده، وذلك لهوان الدنيا عليه، إذ هي شيء زائل مضمحل.

وقال الكسائي: معناها لولا إرادتنا أن يكون في الكفار غني وفقير، وفي المسلمين مثل ذلك لأعطينا الكفار من الدنيا أن نجعل سقوف بيوتهم من فضة وذلك لهوان الدنيا عند الله، وقال الفراء: لبيوتهم: على بيوتهم.

قال الشعبي: سُقُفاً من فضة، أي: جذوعاً. ومعارج، أي: دُرُجاً من فضة. عليها يظهرون، أي: يصعدون على السُّقُفِ والغُرَفِ.

وقال ابن زيد وغيره: المعارج: درج من فضة.

وقوله: { وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً } ، يعني: من فضة.

{ وَسُرُراً } ، أي: من فضة عليها يتكئون، قاله ابن زيد وغيره.

وقوله: { وَزُخْرُفاً } ، أي: ولجعلنا لهم مع ذلك زخرفاً، يعني: الذهب، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي والضحاك وقال ابن زيد: الزخرف: ما يتخذه الناس في منازلهم من الفرش والأمتعة والأثاث.

وقال مجاهد: كنت لا أدري ما الزخرف حتى وجدته في قراءة عبد الله ذهباً.

السابقالتالي
2 3