الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } * { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } * { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } * { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } * { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ ٱلإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }

قوله تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } إلى قوله: { لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }.

أي: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين من قومك، من خلق السماوات والأرض؟ { لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } ، أي: العزيز في انتقامه وسلطانه، العليم بكل شيء.

ثم قال تعالى: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } ، أي بساطاً فسهل عليكم / التصرف فيها من بلد إلى بلد.

{ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } ، أي: طرقاً.

{ لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } ، أي: كي تهتدوا في تصرفكم بتلك الطرق فتتوجهوا حيث شئتم. ولولا ذلك (لم يطق) أحد برَاحاً من موضعه ومنشئه.

قوله: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } ليس بمتصل بما قبله، لأن ما قبله من جواب المشركين - حكاه الله عنهم.

ولو اتصل بما قبله لكان: " الذي جعل لنا الأرض ".

لكن معناه: إن الله جل ذكره وصف نفسه بنعمه بعد جواب المشركين.

فثم إضمار " هو " ، هو الذي جعل لكم الأرض مهاداً، ثم وصف نعمه - نعمةً (بعد نعمةٍ) - تنبيه وتقرير.

ثم قال تعالى: { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } ، أي: مطر بمقدار الحاجة بكم إليه. ولم يجعله كالطوفان فيكون عذابا يغرق، (ولا جعله) قليلاً (لا ينبت) به الزرع والنبات، ولكنه جعله بمقدار حاجتكم إليه.

وقوله تعالى: { فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } ، أي: فأحيينا بذلك المطر بلداً لا نبات فيه ولا زرع فأنبت، فهو كالحياة له.

فكما أحيى الأرض بالمطر فأنبتت ولم يكن فيها نبات كذلك يحيي الموتى بالمطر فيخرجون من قبورهم (إلى ربهم).

وروي عن ابن مسعود أنه قال: يرسل الله جل ثناؤه ماء مثل مني الرجال، وليس شيء مما خلق الله من الأرض إلا وقد بقي منه شيء، فينبت بذلك الماء: الجسمان واللحوم، تنبت من (الثرى والمطر)، ثم قرأ ابن مسعود: { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } - إلى - { تُخْرَجُونَ }.

ثم قال تعالى: { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } ، أي: الأجناس والأصناف من الخلق.

وقيل: معنى خلق كل شيء فزوجه، بأن خلق الذكور من الإناث أزواجاً، وخلق الإناث من الذكور أزواجاً.

وواحد الأزواج على " فَعْل " وكان بابه أن يجمع على " أَفْعُلٌ " إلا أنهم استثقلوا الضمة في الواو فنقلوه إلى جمع " فعل " فجمعوه على " أفعال " (وبابه " أفعال " ) فشبه فعلاً بفعل إذ عدد الحروف متساوية، وعلى ذلك (أيضاً شبهوا) " فَعَلاً " بـ " فَعْل " وجمعوه على " أَفْعُل " وبابه " أَفْعَال " قالوا: زَمَنٌ وَأَزْمُنٌ.

ثم قال تعالى: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } يعني: السفن في البحر، والإبل والخيل والبغال والحمير في البر، تركبون ذلك حيث شئتم.

السابقالتالي
2 3