قوله تعالى: { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } ، إلى قوله: { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، أي: له ملك ما فيها من جميع الأشياء كلها. { وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ } أي: ذو علو وارتفاع على كل الأشياء، ارتفاع مُلْكٍ وقُدْرَةٍ وسُلطانٍ، لارتفاع انتقالٍ. { ٱلعَظِيمُ }: وله العظمة والكبرياء. ثم قال تعالى: { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } ، أي: تكاد تشقق من فوق الأرضين من عظمة الرحمن وجلالته. هذا قول جميع المفسرين. وقيل: المعنى: تكاد السماوات يتشققن من أعلاهن من عظمة الله فيكون الضمير في { فَوْقِهِنَّ } (على القول) الأول يعود على الأرضين. وعلى هذا القول الثاني يعود على السماوات. وكان علي بن سليمان يقول: الضمير في فوقهن للكفار، أي: من فوق الكفار. وهذا قول بعيد، لا يجوز في المذكرين من بنى آدم: " رأيتهن ". وقيل: المعنى: يكاد السماوات يتفطرن من فوق الأرضين من قول المشركين وكفرهم. { وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } تعظيما لله سبحانه وتعجباً من مقالة المشركين وهم مع يستغفرون لمن في الأرض، يعني المؤمنين. ثم قال تعالى: { وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } أي: يُصَلُّونَ بطاعة ربهم شكراً له وجلالةً وهيبةً، هذا قول الطبري. وقال الزجاج: معناه: والملائكة يُعظمون الله وينزهونه عن السوء. ثم قال تعالى: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } ، أي: ويسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من المؤمنين. وهذا اللفظ عام ومعناه الخصوص قاله السدي وغيره. ولا يجوز أن يكون (عاما فيدخل) في ذلك الكفار لأنه تعالى قد قال:{ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [البقرة: 161] فغير جائز أن يستغفر لهم الملائكة. وروي عن وهب بن منبه أنه قال: هي منسوخة (نسختها الآية) التي في سورة المؤمن. قوله تعالى جل ذكره:{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } [غافر: 7]. وهذا عند أهل النظر لا يجوز فيه نسخ لأنه خبر، ولكن تأويل قول وهب ابن منبه في هذا أنه أراد أن هذه الآية نزلت على نسخ تلك الآية. ثم قال: { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } ، أي: الغفور لذنوب مؤمني عباده، الرحيم بهم أن يعذبهم بعد توبتهم. وأجاز أبو حاتم الوقف على " من فوقهن ". وذلك جائز إن جعلت ما بعده منقطعاً منه. فإن جعلته في موضع الحال لم يجز الوقف دونه. ثم قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } ، أي: والذين اتخذوا يا محمد من قومك آلهة يعبدونها من دون الله، الله حفيظ لأعمالهم، مُحْصِيهَا عليهم ومُجازيهم بها يوم القيامة. { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } ، أي: ولست يا محمد بالوكيل عليهم تحفظ أعمالهم، إنما أنت مُنْذِرٌ ومُبَلِّغٌ ما أُرسِلت به إليهم، فعليك البلاغ وعلينا الحساب.