الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } * { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } * { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } * { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ }

قوله: { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } إلى قوله: { فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } ، أي: أجابوه حين دعاهم رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان به والعمل بطاعته.

{ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني: المفروضة أقاموها بحدودها في أوقاتها.

ثم قال: { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } ، أي: إذا عرض لهم أمر تشاوروا فيه بينهم.

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } ، يعني: في الصدقات، وفعل الخير، وفي سبيل الله عز وجل، وإخراج الزكاة المفروضة عليهم.

وقال ابن زيد: نزلت { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } - الآية " في الأنصار.

ثم قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } ، أي: والذين إذا بغى عليهم باغ انتصروا لأنفسهم، يعني: من المشركين، قاله ابن زيد.

وقال السدي: هي في كل باغ أبيح الانتصار منه.

وقال النخعي: " كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق ".

وروى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ. قِيلَ: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قال: يَتَكَلَّفُ من البَلاَءِ (مَا لاَ يُطِيقُ) ".

ثم قال تعالى: { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } ، أي: وجزاء سيئة المسيء عقوبته على ما أوجبه الله عليه.

ولهذه الآية ونظيرها أجاز الشافعي وأهل الرأي أن يأخذ الرجل من مال من خانه (مثل ما خانه به من) غير رأيه.

واستدلوا على صحة ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان: " خذي من ماله ما يكفيك وولدك ".

وأجاز لها أن تأخذ من ماله ما يجب لها من غير رأيه.

ولم يجز ذلك مالك إلا بعلمه.

وسميت الثانية " سيئة " وليس الذي (يعملها مسيئاً) لأنها مجازاة على الأول. فسميت باسمها وليست بها.

وروي أن ذلك: أن يجاب القائل الكلمة القذعة بمثلها.

وقال ابن أبي نجيح: هو مثل أن يقول القائل: أخزاه الله، فيقول له المجيب مثل ذلك.

وقال السدي: إذا شتمك فاشتمه بمثل ما شتمك من غير أن تعدي.

قال ابن زيد: { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } ، يعني: من المشركين، ثم قال: { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } قال: معناه: ليس آمركم أن تعفوا عنهم لأني لا أحبهم، أي: لا أحب الظالمين، يعني: المشركين، فمن فعل فالله يثيبه على ما آذاه به المشركون، قال: ثم نسخ هذا كله، وأمر بالجهاد.

والآية على القول الأول محكمة عامة، مثل قوله:فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194]

والمعنى: فمن عفا عمن أساء إليه فغفر له ابتغاء وجه الله سبحانه وهو قادر على العقوبة فالله مثيبه.

السابقالتالي
2 3