الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } * { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } * { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ }

قوله تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } إلى قوله { إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } أي: أيقولون افترى على الله الكذب، أي: اختلقه من عند نفسه.

{ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } ، أي: يطبع على قلبك فتنسى هذا القرآن يا محمد، قاله قتادة والسدي.

وقال الزجاج: معناه: فإن يشأ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم.

وقيل: المعنى: (إن يشاء الله - يا محمد - ختم على قلبك بالصدق واليقين والخير كله. وقد فعل بك ذلك وَمَحَا ضُرَّهُ من قلبك.

وقيل: المعنى) فإن يشاء الله يمنعك من التمييز.

ثم قال: { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ } ، أي: ويزيل الله الباطل على كل حال - وهو الشرك - ولذلك رفعه، ولو عطفه على " ما يشاء " لم يجز لأنه يصير المعنى (ولو يشاء) الله يمح الباطل، وذلك لا يجوز لأنه تعالى يمحوه على كل حال. ويدل على رفعه أن بعده " ويحق الله الحق " بالرفع) وهذا احتجاج عليهم لنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم وصحة ما جاء به لا المعنى: إن الله يزيل الباطل ولا يثبته.

فلو كان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم باطلاً لمحاه الله عز وجل وأنزل كتاباً آخر على غيره.

وهكذا جرت العادة [في جميع المفترين أن الله سبحانه يمحو أباطلهم ويثبت الحق.

ومعنى { وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } ، أي: ويثبت ما أنزل من كتابه على لسان] نبيه عليه السلام.

وقيل: المعنى ويبين الحق.

وقيل: معناه: يثبت الحق في قلبك بكلماته، أي: بالقضاء الذي قضاه لك قبل خلقك.

ثم قال تعالى: { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } ، أي: إنه ذو علم بما في صدور خلقه وما تنطوي عليه ضمائرهم.

وقيل: إن معناه: لو حدثت نفسك يا محمد بأن تفتري علي كذباً لطبعت على قلبك، وأذهبت الذي أتيتك من وحيي، لأني أحق الحق وأمحو الباطل، فأخبر الله عز وجل الزاعمين أن محمداً صلى الله عليه وسلم اختلق القرآن من عند نفسه - أنه لو فعل ذلك أو حدث به نفسه - ما أخبر في هذه الآية.

وكان أبو عمرو بن العلاء يختار أن يقف القارئ على: " فإن يشاء الله يختم على قلبك " ، لأن ما بعده مستأنف غير معطوف عليه على ما ذكرنا، وهو اختيار الفراء.

ثم قال: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي: والله الذي يقبل مراجعة عباده إلى الإيمان بعد كفرهم ويعفو عن ما تقدم لهم من السيئات، ويعلم ما يفعل / خلقه من خير وشر، لا يخفى عليه شيء من ذلك، فيجازيهم على كل ذلك.

السابقالتالي
2 3