الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } * { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }

قوله تعالى: { فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ } إلى قوله: { لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } ، أي: فإلى ذلك الدين يا محمد فادع الناس واستقم.

فاللام في " فلذلك " / بمعنى " إلى " كما قال:بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } [الزلزلة: 5]، أي: إليها.

{ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } أي: واستقم يا محمد على العمل بذلك الدين، واثبُت عليه كما أمرك ربك.

(وقيل: " ذلك " بمعنى: هذا. والتقدير: فلهذا القرآن فادع الناس يا محمد واستقم على العمل به كما أمرك ربك.

وقيل: اللام) على بابها، والمعنى: ومن أجل ذلك الذي تقدم ذكره فادع إلى عبادة الله واستقم على (ما أمرك) ربك.

وفي الكلام تقديم وتأخير. والتقدير فيه: كَبُرَ على المشركين ما تدعوهم إليه فلذلك فادع، أي فإلى ذلك (الدين فادع) عباد الله واستقم كما أمرت.

ثم قال: { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } ، أي: ولا تتبع أهواء المشركين في الحق الذي شرعه الله لكم من الدين.

{ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ } أي: وقل يا محمد صَدَّقْتُ بما أنزل الله من كتاب، كائنا ذلك الكتاب ما كان لا أُكَذِّبُ بشيء منه، كما كذبتم أيها المشركون ببعضه، وصدقتم ببعضه.

ثم قال تعالى: { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } ، أي: وأن أسير فيكم أجمعين بالحق الذي بعثني (الله به).

قال قتادة: " أُمِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعدل، فعدل، حتى مات صلى الله عليه وسلم. والعدل ميزان الله في الأرض، به يأخذ المظلوم من الظالم، والضعيف من الشديد " وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَنْجَيْنَهُ: الْقَصْدُ فِي الْفَاقَةِ وَالْغِنَى، والْعَدْلُ فِي الْرِّضَى وَالْغَضَبِ، وَالخَشْيَةُ فِي الْسِّرِّ وَالْعَلاَنِيّةِ.

وَثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَهْلَكْتُهُ: شُحٌّ مَطَاعٌ، وَهَوَى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ المَرْءِ بِنَفْسِهِ.

وَأَرْبَعٌ مَنْ أُعْطِيهُنَّ فَقَدْ أُعْطِي خَيْرَ الْدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: لِسَانٌ ذَاكِرٌ، وَقَلْبٌ شَاكِرٌ، وَبَدَنٌ صَابِرٌ، وَزَوْجَةٌ مُوَافِقَةٌ ".

ثم قال تعالى: { ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } ، أي: مَالِكُنَا ومَالِكُكُم. وهذا كله خطاب لجميع الأحزاب من أهل الكتابين.

{ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } ، أي: لنا ثواب ما اكتسبنا من الأعمال، ولكم ثواب ما اكتسبتم منها.

{ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } ، أي: " لا خصومة ": قاله مجاهد وابن زيد. وقيل: (المعنى: لا خصومة بيننا) لأن الحق قد تَبَيَّنَ لَكُمْ صوابه. فاحتجاجكم إنما هو عناد في أمر قد تبين لكم صوابه (فاحتجاجكم إنما هو فيما قد علمنا أنكم) تعلمونه وتنكرونه بعد علمكم بصحته.

ثم قال تعالى: { ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } ، أي: يجمع بيننا في موقف يوم القيامة فيقضي بيننا بالحق فيما اختلفنا فيه، وإليه مصيرنا أجمعين.

ثم قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ } ، أي: والذين يخاصمون في دين الله عز وجل الذي بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم، من بعد ما استجيب له الناس ودخلوا فيه.

السابقالتالي
2