الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } * { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } * { وَمَا تَفَرَّقُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }

قوله تعالى: { وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ٱللَّهِ } إلى قوله: { مِّنْهُ مُرِيبٍ } ، أي: وما تنازعتم أيها الناس فيه من شيء فحكمه إلى الله، أي: هو يقضي فيه بما يشاء إما بنص في كتابه، وإما بدليل على النص.

ثم قال تعالى: { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } ، أي: ذلكم الذي ذكرت لكم هو ربي وإلهي وإلهكم. { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في أموري.

{ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } ، أي: وإليه أرجع في أموري، وأتوب من ذنوبي.

ثم قال: { فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، أي: هو (خالقهما ومبتدعهما).

{ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } ، أي: زوجكم ربكم من أنفسكم أزواجاً، يعني: خلق حواء من ضلع آدم.

ثم قال تعالى: { وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً } يعني: من الضأن اثنين، ومن المَعْزِ اثنين، ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين.

ثم قال: { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } (أي: بخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم، وبعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام).

قال مجاهد: { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } (فيه، نسل بعد نسل من الناس والأنعام ".

وقال السدي: يذرؤكم: يخلقكم.

وقال ابن عباس: " جعل الله فيه معيشة تعيشون بها ".

قال قتادة: يذرؤكم فيه، قال: " عيش من الله جل ثناؤه يعيشكم فيه ".

وقال الزجاج: " يذرؤكم فيه أي: يكثركم فيه " (فـ " في " ) عنده في موضع الباء.

والمعنى على قوله: يكثركم، يخلقكم أزواجاً.

وقال القتبي: يذرؤكم فيه، أي: في الزوج.

(فالمعنى: يخلقكم في بطون الإناث.

وقال علي بن سليمان: " يذرؤكم: ينبتكم من حال إلى حال ".

وحكى أبو زيد) وغيره عن العرب، ذرأ الله الخلق يذرؤهم، أي: خلقهم.

ثم قال تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } الكاف في " كمثله " زائدة للتوكيد لا موضع لها. وموضع " كمثله " كله موضع نصب خبر " ليس ".

وقيل المعنى: ليس هو شيء، ولكن دخلت " المثل " في الكلام للتوكيد.

ثم قال: { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } ، أي: السميع لما ينطق به من خلقه من قول، البصير بأعمالهم، لا يخفى عليه منها شيء.

ثم قال تعالى: { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، أي: له مفاتيح خزائن السماوات والأرض. وواحد المقاليد إقليد وجمع على مقاليد على غير قياس كمحاسن، والواحد حسن. وقيل: واحدها مقليد. فهذا على لفظ الجمع.

فتحقيق المعنى: بيده خزائن الخير والشر. فما يفتح من رحمته فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده /.

قال مجاهد: مقاليد: مفاتيح بالفارسية.

وقوله: { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } ، أي: يوسع الرزق على من يشاء من عباده، ويضيق على من يشاء، يفعل ما يريد، ويعلم مصالح خلقه فيوسع على من لا تصلح حاله إلا (بالتوسيع) (ويضيق على من لا تصلح حاله إلا بالتضييق).

السابقالتالي
2 3