الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } * { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } * { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } * { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ } - إلى قوله - { فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ }.

والمعنى: ولقد أعطينا موسى التوراة كما آتيناك يا محمد القرآن فاختلف بنو إسرائيل في العمل بما في التوراة كما اختلف قومك في الإيمان بما جئتم به.

{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } يا محمد فيمن كفر (بك، وهو أنه تقدم في علمه وقضائه تأخير عذابهم إلى يوم القيامة.

{ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي لجاءهم العذاب فيفصل بينهم فيما اختلفوا فيه فيهلك المبطلين، وينجي المؤمنين.

قال السدي: أخروا إلى يوم القيامة.

قال الزجاج: " الكلمة: وعدهم بالساعة، قال (الله تعالىبَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [القمر: 46] ".

ثم قال تعالى: { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } ، أي: وإن الفريق المبطل منهم لفي (شك مما قالوا) فيه مريب يريبهم قولهم فيه، لأنهم قالوه بغير ثبت وإنما قالوه ظناً.

ثم قال تعالى: { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } ، أي: من عمل صالحاً في هذه الدنيا فلنفسه عمل لأنه يستوجب من الله في الميعاد الجنة والنجاة من النار، ومن عمل بمعاصي الله (فعلى نفسه جنى) لأنه أكسبها بذلك سخط الله.

ثم قال تعالى: { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي: وما ربك يا محمد يحمل ذنب مذنب على غير مكتسب بل لا يعاقب أحداً إلا على جرمه.

ثم قال تعالى: { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } ، (أي: إلى الله يرد العالمون به علم الساعة)، لأنه لا يعرف متى قيامها غيره.

ثم قال تعالى: { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا } ، أي: (وما يظهر) من ثمرة (الشجرة من الموضع) الذي هي مغيبة فيه إلا بعلمه.

قال السدي: من أكمامها: من طلعها.

قال المبرد: هو ما يغطيها. وواحد الأكمام. كم. ومن قال في الجمع أكمة قال في الواحد كمام.

ثم قال تعالى: { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } ، (أي: ما تحمل من ولد حين تحمل، ولا تضع حملها حين تضع إلا بعلمه)، فلا شيء يخفى عليه من جميع أمور خلقه.

ثم قال تعالى: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي } ، أي: واذكر يا محمد يوم ينادي الله عز وجل هؤلاء المشركين فيقول لهم أين شركائي الذين كنتم تشركونهم في عبادتي؟

والمعنى: أين شركائي على قولكم.

ثم قال تعالى: { قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } ، أي: أجابوه عن سؤاله لهم، فقالوا: أعلمناك ما منا من شهيد أن لك شريكاً.

ثم قال تعالى: { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ } ، أي: وضل عن هؤلاء المشركين يوم القيامة آلهتهم التي كانوا يدعونها في الدنيا فأخذ بها عن طريقتهم فلم تدفع عنهم شيئاً من عذاب الله سبحانه.

ثم قال تعالى: { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } ، أي: وأيقنوا أنه لا محيص لهم من عذاب الله عز وجل ولا ملجأ منه جلت عظمته.

السابقالتالي
2