الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } * { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ }

قوله تعالى ذكره { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } - إلى قوله - { وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } معناه: لا أحد أحسن قولاً ممن هذه صفته، أي: ممن قال: ربنا الله ثم استقام على الإيمان به والقبول لأمره ونهيه، ودعا عباد الله إلى ما قال به وما عمل. وقرأ الحسن يوماً هذه الآية فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب الخلق إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله من دعوته، وعمل صالحاً في إجابته، وقال إنني من المسلمين؛ فهو خليفة الله سبحانه.

فالآية عند الحسن لجميع المؤمنين.

وقال قتادة: هذا عبد صدق قوله عمله، ومولجه مخرجه، وسره علانيته وشاهده مغيبه، ثم قال: وإن المنافق عبد خالف قوله عمله ومولجه مخرجه، وسره / علانيته، وشاهده مغيبه.

قال السدي: عنى بهذه نبي الله محمداً صلى الله عليه وسلم، دعا إلى الله جل ذكره، وعمل صالحاً، وقاله ابن زيد وابن سيرين).

روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نزلت في المؤذنين.

وقال عكرمة: قوله: { مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } ، يعني: المؤذنين. { وَعَمِلَ صَالِحاً } ، قال: صلى وصام.

وذكر في حديث يرفعه: " أول من (يقضي) الله له بالرحمة يوم القيامة المؤذنون، وأول المؤذنين مؤذنو مكة. قال: والمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة. والمؤذنون إذا خرجوا من قبورهم أذنوا فنادوا بالآذان، والمؤذنون لا يدودون في قبورهم ".

وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: " قالت الملائكة: لو كنا نزولاً في الأرض ما سبقنا إلى الآذان أحد ".

وقال قيس بن أبي حازم: { مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } ، قال: هو المؤمن { وَعَمِلَ صَالِحاً } ، قال: الصلاة بين الأذان إلى الإقامة.

وهذه الآية تدل على أنه جائز أن يقول المسلم: أنا مسلم بلا استثناء، أي: قد استسلمت لله عز وجل وخضعت له بالطاعة جلة عظمته.

ثم قال تعالى { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ } " لا " الثانية زائدة للتأكيد.

والمعنى: لا يستوي الإيمان بالله عز وجل، والعمل بطاعته سبحانه، والشرك بالله عز وجل والعمل بمعصيته تعالى.

قال عطاء: الحسنة هنا: لا إله إلا الله، والسيئة الشرك.

ثم قال { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، أي: ادفع بالحالة التي هي أحسن السيئة. والمعنى: ادفع يا محمد بحلمك جهل من جهل عليك، وبعفوك إساءة من أساء إليك، وبصبرك على مكروه من تعدى عليك.

وقال ابن عباس في الآية: أمر الله عز وجل المسلمين بالصبر عند الغضب والحلم والعفو عند الإساءة. فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم حتى يصير كأنه ولي حميم.

السابقالتالي
2 3