الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } * { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ } * { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } * { نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }

قوله تعالى: { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ } - إلى قوله - { مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }.

أي: ونصبنا لهم نظراء من الشياطين فجعلناهم لهم قرناء يزينون لهم قبائح أعمالهم.

قال ابن عباس: القرناء هنا: الشياطين.

وحقيقة قيضنا سببنا لهم من حيث لم يحتسبوا.

وقوله: { فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ }.

يعني: من أمر الدنيا فحسنوا ذلك، وحببوه لهم حتى آثروه على أمر الآخرة.

وقوله: { وَمَا خَلْفَهُمْ } قال مجاهد: حسنوا لهم أيضاً ما بعد مماتهم فدعوهم إلى التكذيب بالمعاد، وأنه لا ثواب ولا عقاب، وهو أيضاً قول السدي.

وقيل: معنى: { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ } ، يعني: في النار فزينوا لهم أعمالهم في الدنيا.

والمعنى: قدرنا عليهم ذلك أنه سيكون وحكمنا به عليهم.

وقيل: المعنى: أخرجناهم إلى الاقتران فأحوجنا الغني إلى الفقير ليستعين به، وأحوجنا الفقير إلى الغني لينال منه، فحاجة بعضهم إلى بعض تقيض من الله عز وجل لهم ليتعاونوا على طاعته فزين بعضهم لبعض المعاصي.

قال ابن عباس: ما بين أيديهم هو تكذيبهم بالآخرة والجزاء والجنة والنار، وما خلفهم: الترغيب في الدنيا والتسويف بالمعاصي وقيل: المعنى إنهم زينوا لهم مثل ما تقدم لهم من المعاصي فهو ما بين أيديهم، وما خلفهم: ما يعمل بعدهم أو بحضرتهم.

وقيل: ما بين أيديهم: ما هم فيه، وما خلفهم: ما عزموا أن يعملوه.

ثم قال تعالى: { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } ، أي: وجب لهم العذاب بكفرهم وقبولهم ما زين لهم قرناؤهم من الشياطين.

وقوله: { فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } ، معناه: ووجب عليهم القول في أمم قد مضت قبلهم.

(أي ووجب عليهم من العذاب مثل ما وجب على أمم مضت قبلهم) من الجن والإنس لكفرهم وعملهم مثل عملهم.

وقيل: " في " هنا، بمعنى: " مع ".

فالمعنى: ووجب عليهم العذاب بكفرهم مع أمم مضت قبلهم بكفرهم أيضاً، أي: هم داخلون فيما دخل فيه من قبلهم من الأمم الكافرة. { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } ، أي: مغبونين ببيعهم رضاء الله عز وجل بسخطه، ورحمته بعذابه.

ثم قال تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } ، أي: قال الملأ من قريش لأهل طاعتهم من العامة: لا تسمعوا لقارئ هذا القرآن إذا قرأه ولا تتبعوا ما فيه. وألغوا فيه بالباطل (من القول). إذا سمعتم قارئه يقرأه لا تسمعوا ولا تفقهوا) ما فيه. هذا قول ابن عباس.

وقال مجاهد: اللغو هنا: المكاء والتصفيق والتخليط (في المنطق) على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قرأ القرآن أمروا سفهاءهم بذلك.

وقال قتادة: والغوا فيه، أي: اجحدوه وأنكروه وعادوه.

يقال: لغى يلغى، (ويلغو لغواً، ولغى ولغي يلغى لغى) وبهذه جاء القرآن.

السابقالتالي
2 3