الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ ٱلُخَاسِرِينَ } * { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ }

قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ } - إلى قوله - { مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } ، أي: واذكر يا محمد يوم نحشر هؤلاء المشركين وغيرهم من أعداء الله إلى نار جهنم.

{ فَهُمْ يُوزَعُونَ } ، أي: يحبس أولهم على آخرهم قاله السدي وقتادة وغيرهما.

قال أبو الأحوص: " فإذا تكاملت العدة بدئ بالأكابر فالأكابر جرماً ".

قال أبو عبيدة: يوزعون: يدفعون.

يقال: وزعه يزعه، ويزعه، إذا كفه وحبسه.

ثم قال تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم }. هذا الكلام فيه حذف مفهوم، واختصار بليغ، (وهذا أمر معجز) القرآن.

والتقدير: حتى إذا جاءوا النار سئلوا عن كفرهم وجحودهم، فأنكروا بعد أن شهد عليهم النبيئون والمؤمنون، فعند ذلك تشهد عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون في الدنيا.

وأكثر المفسرين على أن الجلود هنا: الفروج. كنى عنها كما كنى عن النكاح بالمس.

وقيل عنى بها الجلود بعينها، وهو اختيار الطبري لأنه الأشهر المستعمل في كلام العرب، ولا يحسن نقل المعروف في كلامها إلى غيره إلا بحجة ودليل يجب له التسليم.

قال ابن مسعود (رضي الله عنه) يجادل المنافق عند الميزان ويدفع الحق ويدعي الباطل فيختم على فيه، ثم تستنطق جوارحه فتشهد عليه، ثم يطلق عنه فيقول: بعداً لكن وسحقاً، إنما كنت أجادل عنكن.

ثم قال تعالى: { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا } ، (أي: وقال المشركون للجلود لما أنطقها الله بالشهادة عليهم لم شهدتم علينا) فأجابتهم.

{ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } فنطقنا.

" روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحك ذات يوم حتى بدت نواجذه، ثم قال: " ألا تسألوني مم ضحكت؟ قالوا: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: عجبت من مجادلة العبد ربه سبحانه يوم القيامة: قال: يقول: أي رب، أليس وعدتني ألا تظلمني؟! قال: فإن (ذلك لك) قال: فإني لا أقبل علي شاهداً إلا من نفسي. قال: أوليس كفى بي شهيداً وبالملائكة الكرام الكاتبين! قال: فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل. قال: فيقول لهم بعداً وسحقاً، عنكم، كنت أجادل " ".

" وروى حكيم بن معاوية عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: وأشار بيده إلى الشام فقال: " من (هاهنا) يحشرون / ركباناً ومشاتاً وعلى وجوههم يوم القيامة، على أفواههم الفدام. توفون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله، وإن أول (ما يعترف من أحدهم) فخذه " ".

وعن عقبة بن عامر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أول عظم يتكلم من الإنسان (يوم يختم على الأفواه: فخذه من رجل الشمال " ، وفي حديث آخر)

السابقالتالي
2 3