الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ }

قوله تعالى: { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } - إلى قوله - { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } أي: لابتداعُ خلق السماوات والأرض أعظم عندكم من خلق الناس (إن كنتم تستعظمون خلق الناس).

{ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يعلمون أن خلق جميع ذلك هين على الله عز وجل، وفي هذا تنبيه من الله عز وجل لمن كذب بالبعث فنبههم أن خلق السماوات والأرض أعظم من خلق الناس بعد موتهم وإعادتهم.

فمن قدر على إحداث السماوات والأرض، ورفع السماوات بغير عمد، وتسخير شمسها وقمرها ونجومها واختلاف ليلها ونهارها وتسخير سحابها وإنزال غيثها وتصريف رياحها، فكيف لا يقدر على خلق الناس وبعثهم بعد موتهم، فذلك أهون على الله وأصغر!.

قال تعالى: { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ } ، أي وما يستوى الكافر الذي لا يؤمن، والمؤمن في التدبر في آيات الله عز وجل والإعتبار في وحدانيته وقدرته، ولا يستوي المؤمن الذي يعمل الصالحات والمسيء، وهو الكافر الذي يعمل بما لا يرضى الله عز وجل به.

{ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } ، أي: قليلاً تذكرهم حجج الله سبحانه وآياته وقيل: المعنى: لا يستوى العالم المستدل بآيات الله سبحانه وقدرته على بعث الأموات، والجاهل الذي قد عمي عن الاستدلال بذلك / وجهل معرفة الاستدلال والبرهان على قدرة الله سبحانه، كما لا يستوي الأعمى والبصير.

ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا } ، أي: لا شك فيها، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، أي: لا يصدقون بقيام الساعة.

ثم قال تعالى ذكره { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ، أي: اعبدوني وأخلصوا العبادة لي أجب دعاءكم فأعفو عنكم وأرحمكم.

قال ابن عباس: ادعوني استجب لكم ووحدوني أغفر لكم.

وروى النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الدعاء هو العبادة وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ } " الآية.

ويدل على أن الدعاء العبادة قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } ، ومعناه: إن الذين يتعظمون عن إفرادي بالعبادة والإخلاص لي.

{ سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } ، أي صاغرين، قاله السدي وأبو عبيدة.

وقال السدي: يستكبرون على عبادتي، أي: عن دعائي.

ثم قال تعالى: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً }. هذا تذكير من الله عز وجل لخلقه على نعمه أنه جعل لهم الليل لتسكن فيه جوارحهم وتهدأ حركاتهم، وجعل النهار مبصراً ليتصرفوا في معايشهم ومنافعهم.

ولم يجعل الليل دائماً فيمتنعوا من التصرف (في منافعهم) فيضيعوا، ولا جعل النهار دائماً فيمتنعوا من السكون والراحة، بل دبر أحسن تدبير وأتقن أحسن إتقان.

السابقالتالي
2 3